ألقى طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، كلمة خلال «الملتقى المصرفي العربي الأول للأمن السيبراني»، الذي يقام تحت رعاية البنك المركزي المصري واتحاد بنوك مصر، واتحاد المصارف العربية، وحضره كل من محمد الإتربي، رئيس اتحاد بنوك مصر، وعبد المحسن الفارس، نائب رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية، واللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء.
نص كلمة طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري:
السيدات والسادة الحضور،
يسعدني أن أرحب بكم جميعًا، السادة رؤساء مجالس إدارات البنوك المشاركة من الدول العربية الشقيقة ومصر، السادة ممثلي الشركات الإقليمية والدولية، وجميع الحضور الكرام من المؤسسات والجهات الوطنية، فمرحبًا بكم على أرض بلدكم الثاني مصر، وفي هذا الملتقى الذي ينظمه البنك المركزي المصري بالتعاون مع اتحاد المصارف العربية، والذي يشارك فيه أكثر من 250 من قيادات البنوك العربية وكبری الشركات الإقليمية والدولية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني.
ومن الجدير بالذكر أن التشارك في تنظيم هذا الملتقى يعكس جليًا التعاون والتنسيق رفيع المستوى بين البنك المركزي المصري واتحاد المصارف العربية سعيًا إلى دعم وتعزيز البنىة التحتية المصرفية العربية، واستخدام وتطويع أبرز تقنيات ووسائل الحماية الإلكترونية المتطورة، وكذلك تعميق وتطوير مهارات العاملين في مجال الأمن السيبراني، وتعظيم الإستفادة من تبادل رؤي وخبرات أفضل المتخصصين إقليميًا ودوليا في الأمن السيبراني، والتعرف على أحدث إستراتيجيات تمكين القطاعات المصرفية العربية من مواجهة جميع أشكال التهديدات السيبرانية، والتي باتت تأخذ أشكالًا وصيغًا جديدة ومتعددة.
ويأتي حرص البنك المركزي المصري على تعزيز الأمن السيبراني في إطار تنفيذ الرؤية والتوجيهات الإستراتيجية لفخامة رئيس الجمهورية السيد/ عبد الفتاح السيسي بدعم جميع أركان منظومة الأمن السيبراني للقطاع المالي، من خلال تزويدها ببنية تحتية مؤمنة، وكذلك كوادر بشرية مؤهلة، وذلك لتعزيز جاهزية تلك المنظومة التأمينية بالجهاز المصرفي من أجل تنفيذ إستراتيجية الشمول المالي الوطنية، الأمر الذي إستلزم إيجاد وتطوير خارطة طريق واضحة المعالم تتضمن كافة الإستراتيجيات والخطوات المستندة إلى رؤية متكاملة للتحول نحو الاقتصاد الرقمي والشمول المالي؛ بهدف الإسراع بالمجتمع المصري إلى مجتمع لا نقدي، يشكل الأمن السيبراني فيه ركيزة أساسية ومحورية ليعزز من ضوابط حماية الأنظمة والبرمجيات والشبكات والأجهزة الشبكية ويتيح أعمال الرصد والمراقبة الأمنية المستمرة بهدف تحقيق منهج فعال وكفؤ للحوكمة السيبرانية، مما يستلزم ضرورة مواكبة التطور المتسارع في أساليب مواجهة الجرائم الإلكترونية المتنوعة من خلال الإبتكار التكنولوجي؛ بما يحول دون مواجهة التداعيات السلبية لهذه التهديدات الإلكترونية على البنية التحتية المصرفية.
وفي نفس السياق، فإن البنك المركزي المصري يواصل العمل على ثبات وتطوير سياسات الحوكمة الهادفة لإستقرار أداء القطاع المصرفي المصري وتعزيز القدرة على إدارة جميع أنماط المخاطر ومنها المخاطر الإلكترونية الآخذة في التطور لا سيما مع الإعتماد المتزايد خلال الآونة الأخيرة على شبكة الإنترنت والتكنولوجيا المالية في الحصول على الخدمات المصرفية للحد من إنتشار کورونا المستجد، فمع إستمرار المؤسسات المصرفية في الإبتكار لإيجاد وتقديم طرق تكنولوجية متطورة للوصول إلى العملاء بمبادرات مصرفية جديدة ومبتكرة، فإن تلك المؤسسات تتعرض في الوقت نفسه لمخاطر أمنية جديدة، حيث أن الاستخدام الضار للتكنولوجيا يمكن أن يؤدي إلى تعطيل الخدمات المالية الضرورية للأنظمة المالية الوطنية والدولية، وتقويض الأمن والثقة، وتعريض الإستقرار المالي للخطر. لذلك، فقد قام البنك المركزي المصري بإتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات التنظيمية والإشرافية منها إنشاء قطاع مستقل للأمن السيبراني، وإصدار قانون البنك المركزي الجديد رقم 194 لسنة 2020 لإرساء وتحقيق مستويات أعلى من الحوكمة في إدارة البنوك المصرية وترسيخ الإستقرار المصرفي مع تمكين الاقتصاد والأعمال من الاستمرار في تحقيق نتائج إيجابية.
وفي إطار جهود البنك المركزي المصري لتعزيز الأمن السيبراني بالبنوك والمؤسسات المصرفية وتدعيم قدرتها على التصدي للهجمات الإلكترونية، فقد انتهى البنك المركزي المصري من إنشاء مركز متخصص ومتكامل للأمن السيبراني، ليصبح أول المراكز القطاعية من نوعها في مصر؛ حيث يساعد باستخدام منظومة تقنية غير تقليدية على التنبؤ بالهجمات الإلكترونية قبل وقوعها وتحذير البنوك منها، وإصدار الإنذارات والتنبيهات الأمنية المبكرة التي تحث فيها البنوك على تعزيز قدراتها لمواجهة تلك الهجمات الإلكترونية ليكون بمثابة خط الدفاع نحو مواجهة وكشف التهديدات الإلكترونية في إطار نهج تشاركي بين البنك المركزي المصري والبنوك العاملة في مصر، مما سيكون له تأثير كبير في تعزيز قدرة المؤسسات المصرفية على مواجهة التهديدات السيبرانية، خاصة مع التوسع في استخدام التكنولوجيا المالية لتحقيق أهداف الدولة فيما يتعلق بالشمول المالي والتحول الرقمي".
ومن جانب آخر، فقد إتخذ البنك المركزي المصري العديد من الخطوات من أجل إعداد وصياغة إطار ومرجع إستراتيجي متكامل للأمن السيبراني للقطاع المالي (يعد الأول من نوعه في مصر)؛ يؤسس وينظم المنهجية ولغة مشتركة في إدارة المخاطر الأمنية وتقييمها دوریًا؛ بما يحقق متطلبات تعزيز حوكمة ومرونة ممارسات الأمن السيبراني على مستوى كل من (القدرات البشرية / السياسات والإجراءات / التكنولوجيا) في القطاع المالي، والذي بدروه يسهم في تحقيق المزيد من الجاهزية على جميع مستويات التأمين، والحماية الإلكترونية للبنية التحتية، والأصول المعلوماتية المالية، ومن المقرر أن يتم في غضون الفترة المقبلة تعميم هذا المرجع على جميع البنوك العاملة في السوق المصري.
وختامًا، لقد أسعدني لقاؤكم اليوم، وأتوجه بالشكر والتقدير لكم جميعًا، وأتمنى لكم مؤتمرًا مثمرًا سواء من حيث تحقيق أهدافه الطموحة أو النتائج والتوصيات والقرارات الصادرة عنه.