بقلم: أشرف الصافورى، الرئيس التنفيذى للقطاع التجارى بشركة TLD - ذا لاند ديفلوبرز
كثيرًا ما أقف حائرًا أمام ظاهرة الشعب المصرى، كيف لهذا الشعب أن يستمر ويتجاوز كل هذه الصعوبات والتحديات التى تعصف به؟ كيف يخرج كل مرة منها أقوى وأعظم؟، فعلى مر العصور، ومصر – هبة النيل – تضرب للعالم أروع الأمثال فى التحدى والصمود، والتاريخ يشهد على عزيمة وإصرار المصريين، ووقوفهم ببسالة أمام كل ما يواجههم من عقبات والوصول إلى قمة المجد بإرادة قوية وإيمان بمشيئة الله وحفظه لهذا الوطن، وها هى مصر تؤكد للعالم من جديد قدرتها وجدارتها على أن تكون بحق أم الدنيا.
العاصمة الإدارية الجديدة حلم أصبح واقعًا ملموسًا على الأرض، مدينة ترسم المستقبل لأبنائنا بحروف من نور، المدينة التى تُبنى من الصفر بالصحراء على أطراف قاهرة المعز؛ لتعكس وجه مصر المشرق وتكون منارة بحق للعلم والثقافة والمال والأعمال، فعلى امتداد 170 ألف فدان تقف هذه المدينة شامخة لتدحض كافة الأكاذيب والتشكيكات حول قدرة المواطن المصرى على تحقيق هذا الإنجاز، وتثبت للجميع الرؤية الثاقبة للقيادة السياسية والعزيمة القوية للأيدى والسواعد المصرية فى إنجاز هذه المدينة بمعدلات تنفيذ غير مسبوقة تضاف للسجل الحافل من تاريخ الإعجاز فى البناء الممتد منذ عهد أجدادنا الفراعنة، وتُعلن للعالم استعدادها لاستقبال سكانها وزوارها من خلال افتتاح المرحلة الأولى منها وانتقال الحكومة إليها.
خلال ستة أعوام فقط وعقب إعلان سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء المؤتمر الاقتصادى الأول بشرم الشيخ عام 2015 عن إنشاء مدينة إدارية جديدة على مسافة 45 كيلو مترًا شرق العاصمة القاهرة، نجحت السواعد المصرية فى تحويل الحلم إلى واقع، واستطاعت الدولة المصرية الإيفاء بوعودها والتزامها بإقامة مجتمع عمرانى جديد وعاصمة جديدة تكون عنوانًا جديدًا للجمهورية الثانية، وتجاوز التحدى الأكبر فى توفير التمويل اللازم لهذا المشروع الضخم، وتمكنت الإدارة المصرية بالفعل من خلال عوائد بيع أراضى أكثر من 18 ألف فدان وبعض القروض الخارجية تحمل عبء تدبير ما يوازى 25 مليار دولار للمرحلة الأولى دون المساس بأموال الخزانة العامة للدولة، لتكون العاصمة الإدارية الجديدة قبلة مصر الواعدة للمستثمرين ولجذب الاستثمارات الخارجية لها من كافة أنحاء العالم.
سخرت الدولة المصرية كافة جهودها لهذا المشروع الواعد، من خلال مجموعة من الكوادر الخبيرة والمدربة فى هذا المجال ممثلة فى شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية المسئولة عن متابعة وتنفيذ كافة الأعمال بالعاصمة، تم إنجاز المرحلة الأولى من العاصمة وها هى تتزين لافتتاح حى الوزارات واستقبال أكثر من 50 ألف موظف ضمن الانتقال المرحلى للحكومة خلال الربع الأخير من العام الجارى 2021، ومن قبل شهدت المدينة افتتاحات أخرى شملت تدشين المدينة الرياضية التى شهدت بطولة كأس العالم لكرة اليد، وافتتاح فندق الماسة والجامع الكبير (الفتاح العليم) والكاتدرائية، وستتوالى الافتتاحات فى عدد من المناطق منها مدينة الثقافة والفنون، ومقر مجلس النواب، فضلًا عن منطقة الأعمال المركزية التى تقام على مساحة 190 فدانًا ويتم تنفيذها بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وشركة (CSCEC) الصينية، باستثمارات 3 مليارات دولار، وتضم 20 برجًا متنوع الاستخدامات، ومنها البرج الأيقونى الذى يمثل أيقونة فريدة فى سماء العاصمة ويعتبر أعلى برج فى إفريقيا.
لم يأت كل هذا من فراغ بل هو نتاج دراسات وأبحاث تفصيلية على يد أمهر العلماء والخبراء، لتخرج هذه الدرة للنور وتكون ضمن أفضل المدن العالمية، حيث تتمتع العاصمة الإدارية الجديدة ببنية تحتية فريدة من نوعها باستخدام أحدث التكنولوجيات الحديثة وبتقنيات هندسية وفنية متطابقة مع المعايير والمواصفات العالمية؛ لتقدم هذه المدينة الذكية نموذجًا للثورة التكنولوجية التى تقوم بها مصر عبر إنشاء 14 مدينة ذكية بجميع أنحاء الجمهورية.
إن حقًا العاصمة الإدارية مجتمع متكامل تتوافر به كافة عناصر الاستقرار والاستدامة من خلال منظومة تكنولوجية متكاملة تعمل على مدار الساعة لترشيد استهلاك الطاقة والحفاظ على البيئة وتحقيق فكرة المدينة الخضراء بما تحتويه من مساحات كبيرة من المناطق الخضراء والمفتوحة والبحيرات وأيضًا النهر الأخضر الذى يعد متنفسًا حقيقيًا وشريان حياة بطول المدينة، فضلًا عن عدد من المشروعات السكنية الضخمة المصممة على أحدث الطرز العالمية على أيدى مجموعة من الخبراء العالميين فى هذا المجال، حيث حرص كل المطورين لهذه المشروعات أن يقدموا بعدًا مختلفًا ونموذجًا مغايرًا للمشروعات الذكية، التى تتوافر بها مجموعة متكاملة من الخدمات والمرافق تراعى معايير جودة الحياة وتجمع أحدث المعايير والاشتراطات فى تخطيط المشروعات والمدن المستدامة والذكية، لتمنح قاطنيها حياة عصرية متميزة، وأن تساهم هذه المشروعات فى نقل نموذجٍ حى للتطور الذى تشهده مصر بمجال التنمية العمرانية.
لم تكتف العقول المصرية بذلك، بل جعلت من العاصمة الجديدة مدينة ثقافية عالمية ومنبرًا للعلوم والثقافة والفنون من خلال مدينة المعرفة ومدينة الفنون والثقافة والتى تضم عددًا من المسارح وقاعات العرض والمكتبات والمتاحف والمعارض الفنية لكل أنواع الفنون التقليدية والمعاصرة، من موسيقى ورسم ونحت وغيرها من الفنون التراثية التى تعبر عن حضارة مصر وتفردها الدائم.
وها نحن اليوم، نقف أمام معجزة جديدة يقوم بها الشعب المصرى، تحت قيادة رشيدة وحكيمة ومنفتحة على العالم، ضحت بكل نفيس وغالٍ؛ لتضع مصر فى المكانة الحقيقية التى تستحقها، لتؤكد يومًا بعد يوم على إخلاصها وأمانتها والتزامها الكامل بجعل مصر دولة الريادة دائمًا كما كانت، وأن يحظى المواطن المصرى على أعلى قدر من الأمان والاستقرار فى بلده العظيم مصر، ودائمًا وأبدًا تحيا مصر عظيمة قوية.