أكدت الدكتورة فتحية الفرارجي، أستاذ الأدب والنقد الفرنسى بكلية التربية جامعة طنطا، أن فيروس كورونا الذي توغل في مختلف دول العلم، يعتبر "هيروشيما" القرن الحادي والعشرين، لما يمثله على البشرية جمعاء.
وأضافت الدكتورة فتحية الفرارجي، أنه خلال السنوات السابقة، علا صوت التفاخر والتباهى خاصة مع أواخر عام 2019، بوصول بعض البلدان إلى أقوى الأسلحة الفتاكة على وجه الكرة الأرضية، وعلا صوت البعض إظهارًا لأعظم ما عندهم من أسلحة وأشدها فتكًا، وفجأه ساد صمت الجهل والعجز والوجوم، بانفجار قنبلة خفية تُدعى كورونا، أو كوفيد19، انتشرت فى كل أنحاء العالم، ولا يعلم أحد من أين تأتى ؟! ولا كيف يمكن مقاومتها أو إيقافها ؟! وعجز غرور المتصارعين عن تدمير البشرية بأسلحتهم المتقدمة، والتى كانت تحملها الطائرات والغواصات عجزت عن المواجهة !!
وبدا العالم كما لو كان يستعد لحرب جديدة ، أو لعلها هى الحرب العالمية الثالثة !!
وكأن كائنات خفية جاءت لتتحكم فى أقدار الكون كله ، قنبلة تنفجر فى صمت، وتنتشر بسرعة النار فى الهشيم فى صمت، ويُدوِّى الألم، ويسرع المحارب الكورونى فى صمت - بأمر من ربه، وبحكمة وقدر من مكتوب – إما زاهقًا للأرواح، وإما مُمرِضًا للبشر، وتتبدل أحوال البشر فإذا بهم يعتزلون، يتباعدون، يغطون أنفاسهم، يخافون من بعضهم البعض.
وإذا بالذاكرة تعود بنا للوراء، سنوات وسنوات؛ لنتذكر (هيروشيما) ، وما أحدثته من دمار شامل، عانينا منه، وما زلنا نعانى ، أجيالا وراء أجيال، تشويهًا جسديًا ، وخرابًا معنويًا.
من الجانى ؟ ومن المجنى عليه ؟ إنه ذات الإنسان؛ فالإنسان هو من جعله الله خليفة فى الأرض لإعمارها ، تسلَّمها عروسًا بكرًا، فإذا به يهتك عرضها ، بكل ما أُتى من قوة ، وبطش - للأسف - وعلم !!
تسلَّم الإنسان الأرض على فطرتها، وإذا به يلوث الهواء والماء والتربة ، وصار الهواء – الذى كان من قبل منحة ربانية مجانية – صار بعيد المنال ، وكلما يعلو صوت البشر تحديًا، تأتى ظاهرة جديدة تعلو على كل ألسنة التقدم والتفوق التكنولوجى، ماذا فعلوا أمام تسونامى ؟! كيف حدث ثقب الأوزون ؟! امتدت ألسنة الفساد فى البر والبحر ، وحينما توقف الجميع عن تدمير البشرية ، وانعزل كل فى منزله ، بدأت البحار والأنهار والكائنات الحية تتنفس وتتنفس.
وبعد، فنحن فى حاجة إلى ميثاقًا اخلاقيًا للحياة، أننا بشر نود أن نعيش فى سلام وأمان على الكرة الأرضية، وبدون هذا الميثاق سيكون للغابة قوانينها التى لا يرجوها أحد.
إنه ميثاق للأخلاق والضمير، فهل هناك مجال لإكساب الأخلاق فى المدرسة ؟ وهل يقوم المنزل بدوره إزاء نفس القضية ؟ غاب دور المنزل والمدرسة ، وإذا بنا نرى جيلاً جديدًا من البشر خرجوا من صوامعهم الافتراضية داخل جدران المنازل، فواصل وجدران معزولة داخل البيت الواحد، فواصل قوامها التقدم التكنولوجى، وإذا بنا نصطدم بجيل جديد، عقله مأخوذ بعيد عنا، صار الفتور واللامبالاة السلوك المسيطر على معظم الشباب ، فلا رحمة تأخذهم ولا شفقة بمن ربوهم ، وأنفقوا عليهم من عمرهم ، ومالهم ، وصحتهم ، نحن أمام مشكلة جيل فاقدٍ للأمل فى الحياة ، أو أن لديه الأمل ، ولكنه عاجز عن تحقيقه ، تكبِّله البطالة بقيودها ، ويفترسه الفراغ ، وتربطه أسلاك النت ، وتسحب شحنته البشرية ، وتحوله إلى أداة طوع إرادتها !!
إن ثقافة الوعى تبدأ برقة القلب والمشاعر والمودة والرحمة والتعاطف ، تلك القيم التى نفتقدها الآن فى مجتمعنا.
تعالوا بنا نسترح قليلا قبل مواصلة الحديث.
يا كمامة يا أم أســــــــــــــتك
لولا الكورونا لهرســـــــــــتك
حابسة أنفاسنا فى حيـــــاذتك
ومن حاجات كتير منعانــــــــا
استغفروا وطهروا منها سمانا
وطلَّعوا الحـــــــلو اللى جوانا
يا كمامـــــــــــــة يا أم أستك
لولا الكورونـــــــــــا لهرستك
حابســـــة أنفاسنا فى حياذتك
ومن حاجـــــــــات كتير منعانا
وبعد، فإن ثقافة الوعى ربما تبدأ مع بعض المقترحات، بعد تفكير، وبحث ، وتأمل طويل :
إنشاء قناة على الراديو ، متاحة للجميع ، بدون نت ، ولا اشتراك، تذيع نصائح توعوية ، بطريقة مثقفة مرة ، وبطريقة ممتعة مرة ، وبطريقة طبية مرة ثالثة.
فى كل حى، ومن خلال الجامع الأكبر التابع للحى ، يتم عمل حساب بنكى ، تُوضع فيه الزكاة والصدقات ، التى يتم جمعها من القادرين فى ذلك الحى ؛ مساعدةً للأسر الفقيرة فى وقت الأزمات ، على أن تكون تابعة لأحد البنوك ، ولا يتحكم فيها أى حزب ، ولا أى طائفة قد تتلاعب بأقوات المواطنين ، وتستغل فقرهم وضعفهم .
يتم إنشاء وحدة مساعدة عاجلة فى كل منطقة ، تضم مجموعة من المتطوعين المدربين على التعامل وقت الأزمات ، جاءوا للعمل حبًا لوطنهم ، دون أى غرض .
بدلا من إهدار كثيرًا من الاموال فى زخرفة المساجد والكنائس ، لابد من تخصيص مثل هذه الأموال فى تعليم وتثقيف ومساعدة أبناء الأسر الفقيرة وتجهيز قاعات للتعليم التطوعى المجانى.
تقوم كل منطقة بتسجيل الشباب التابعين للمنطقة والذين يعانون من البطالة ، وتقوم بإعادة تأهيلهم للقيام بالوظائف المتاحة ، ولو بمبالغ زهيدة مبدئيًا ، وكأنها إعانة بطالة وتعليم فى آن واحد .
تنمية ثقافة الوعى بتخصيص مسابقات عن الأوبئة : ولقد تقدمت بمقترح للكلية والجامعة – منذ عام - بعمل مسابقة لمواجهة الكورونا ، فى لجنة شئون خدمة المجتمع والبيئة ، يوم الإثنين الموافق 13 إبريل 2020م ، وأُعتمد فى مجلس الكلية واعتمد من الجامعه ، وتضمن ثلاثة محاور ، واتمنى تعميمها على مستوى الوطن العربى كله ...
أولا مسابقة الخط العربى لأجمل ثلاث لوحات لجملتين عن التوعية ضد الكورونا ، بثلاثة خطوط مختلفة ، وبمساحة 35X25 ، من إبداع الرسام ، وليس تقليدًا لعمل آخر ، وعليها توقيع صاحبها .
ثانيًا مسابقة ثلاثة رسومات ساخرة عن فيروس كورونا بمساحة 35X25 ، مع إرفاق صفحة عن فكرة الرسمة ، وليست منقولة .
ثالثًا مقالة علمية موثقة ، من عشر صفحات وفهرست عن كورونا ، موثقة بمراجع معروفة ( حجم خط 14 ، حجم الورقة A4 ، Times New Roman)