قال الخبير تامر الفقي إن السوق العقاري المصري يمر حاليًا بمرحلة إعادة تشكيل شاملة لبوصلة الاستثمار وحركة الطلب، مشيرًا إلى أن قرار خفض أسعار الفائدة يمثل بمثابة قبلة الحياة للقوة الشرائية المترددة، لافتًا إلى أن خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة للمرة الخامسة خلال العام الجاري يعد مؤشرًا إيجابيًا على صعيد السوق.
وأوضح الفقي في تصريح لـ «العقارية»، أن الاتجاه نحو خفض الفائدة من شأنه إعادة شريحة المترددين إلى السوق، وتحفيز عدد كبير من العملاء الذين كانوا يفضلون الادخار البنكي على العودة مجددًا للاستثمار في العقار، مشيرًا إلى أن تراجع العائد البنكي بالنسبة للمستثمر الكاش جعل العقار الملاذ الأكثر أمانًا لحفظ القيمة وتحقيق دخل مستدام، خاصة في ظل كون الذهب وغيره من الأوعية الادخارية لا يوفران عائدًا شهريًا أو سنويًا ثابتًا على غرار العوائد الإيجارية.
أسعار العقارات في مصر
فيما يتعلق بتسعير الوحدات العقارية، لا سيما بعد قرار خفض الفائدة، أشار الفقي إلى أن المطورين خلال الفترة الماضية قاموا بتسعير مشروعاتهم بناءً على توقعات مرتفعة للغاية لسعر الدولار وصلت إلى 100 جنيه، بهدف التحوط من المخاطر، متوقعًا أن تشهد الزيادات السعرية خلال عام 2026 وتيرة أهدأ بكثير، في ظل شعور المطورين بتراجع الطلب نتيجة المبالغات السعرية، وهو ما سيدفع السوق إلى قدر من الاستقرار لتفادي الدخول في حالة ركود.
وأكد الفقي أن القطاع السكني لا يزال المحرك الرئيسي للسوق العقارية المصرية، مدفوعًا بعوامل الزيادة السكانية والاحتياجات الاجتماعية المرتبطة بالزواج والنمو الأسري، إلا أن عام 2025 شهد طفرة واضحة في القطاعين الإداري والتجاري، حيث ارتفع الاهتمام بالوحدات الإدارية الجاهزة بنسبة تصل إلى 20% منذ نهاية صيف 2025، مع اتجاه المستثمرين إلى العقارات التي تحقق عائدًا سريعًا من خلال الإيجار.
وتوقع الفقي أن نحو 46% من حجم الطلب والإقبال خلال عام 2026 من جانب عملاء دول الخليج والمصريين بالخارج سيتجه إلى المناطق الساحلية، سواء على البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط، وبالأخص الساحل الشمالي، في ظل بروز مناطق مثل مراسي البحر الأحمر وسوما باي والجونة كوجهات استثمارية مفضلة.
وأشار إلى أن الطلب على مناطق غرب القاهرة، خاصة الشيخ زايد وزايد الجديدة، أصبح يعادل الطلب على شرق القاهرة وتحديدًا منطقة التجمع، بعد سنوات من تفوق الطلب في شرق العاصمة، مرجعًا ذلك إلى تسليم آلاف الوحدات في مشروعات كبرى لشركات مثل سوديك وأورا وإعمار، وهو ما أسهم في خلق مجتمعات عمرانية مكتملة وجاذبة للمستثمرين والراغبين في السكن الفوري، موضحًا أن نحو 27% من الطلب سيتوزع بين منطقتي التجمع والشيخ زايد.
أوجه الاستثمار المتوقعة في 2026
مع اقتراب موعد استحقاق الشهادات البنكية ذات العائد المرتفع بنسبة 27% في يناير 2026، توقع الفقي أن يتجه جزء من هذه السيولة نحو الاستثمار في الذهب، إلا أن النسبة الأكبر ستتدفق إلى العقارات الجاهزة أو نصف التشطيب، مؤكدًا أن العملاء يميلون بشكل متزايد إلى التعامل مع المطورين ذوي السمعة الجيدة مثل طلعت مصطفى وسوديك وإعمار، ممن يمتلكون سجلًا قويًا في التسليم، وذلك لتجنب مخاطر تأخر المشروعات الجديدة أو تغير القوانين والأسعار في المشروعات تحت الإنشاء.
ولفت الفقي إلى عودة حالة الانتعاش إلى منطقة وسط البلد، مدفوعة بتطبيق قانون الإيجار القديم الجديد، إلى جانب جهود شركات مثل الإسماعيلية للاستثمار العقاري في إعادة تطوير وتشغيل المباني التراثية، ما حول المنطقة إلى بؤرة جذب للمضاربات الاستثمارية طويلة الأجل، مؤكدًا أن المضاربة السريعة في العقار لم تعد مجدية وتسببت في خسائر كبيرة للعديد من المستثمرين خلال العام الماضي، مشددًا على أن عميل 2026 أصبح أكثر وعيًا وذكاءً، ويتجه إلى الاستثمار طويل الأمد أو السكن الفوري، مختتمًا حديثه بالتأكيد: «العقار يمرض ولا يموت».
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض