حسن الصادي: تسونامي اقتصادي قادم.. وعلى الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة لإمتصاص السيولة الخارجة من البنوك


الجريدة العقارية الاحد 28 ديسمبر 2025 | 06:13 مساءً
الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري
نهال اللهيبي

قال حسن الصادي، الخبير الاقتصادي، إن ما يتداول عن خفض الجنيه لا يعكس المفهوم الحقيقي للأزمة، مؤكدًا أن المسألة الأساسية تتعلق بتراجع القوة الشرائية للجنيه نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وليس بخفض اسمي لقيمته، موضحًا أن القوة الشرائية للجنيه لا يمكن أن تستقر إلا مع تراجع معدلات التضخم.

موجة تضخمية جديدة

وحذر الصادي من أن المرحلة المُقبلة قد تشهد موجة تضخمية جديدة إذا لم تتخذ الحكومة المصرية إجراءات واضحة وسريعة لامتصاص السيولة الكبيرة المتوقعة داخل الجهاز المصرفي، خاصًة مع حلول آجال استحقاق الودائع والشهادات البنكية الكبرى، وهو ما وصفه بـ«تسونامي السيولة».

وأشار إلى أن غياب الرؤية والقدرة على استشراف المخاطر لدى بعض القيادات الاقتصادية، وقال إنه يعمّق الأزمة، "على حد تعبيره ووصفه"، متسائلًا عن كيفية إدارة هذه التدفقات النقدية الضخمة "استحقاق الشهادات البنكية".

ضغوط غير مسبوقة على الاقتصاد

وأكد أن تجاهل التحذيرات سيقود إلى ضغوط غير مسبوقة على الاقتصاد، تشمل ارتفاعًا حادًا في الأسعار، وقفزات غير اعتيادية في سعر الدولار، وتأثيرات مباشرة على قطاعات حيوية مثل العقارات.

وعلق الصادي على تصريحات رئيس الوزراء بشأن إمكانية خفض الأسعار خلال عام 2026، وقال إنها تصريحات مهدئة لا تستند إلى معطيات واقعية، مشيرًا إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن السياسات المنفذة غالبًا ما تأتي بعكس ما يتم الإعلان عنه رسميًا.

وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، شدد الصادي على أن خفض أسعار الفائدة يجب أن يتم بصورة جذرية ومدروسة، موضحًا أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى خفض كبير في أسعار الفائدة يصل إلى حدود 600 نقطة أساس أو أكثر، للوصول إلى مستويات تقارب 8% إلى 10%، بما يسمح للمصانع والقطاعات الإنتاجية بالاقتراض لتمويل الإنتاج والتشغيل والتوسع وتحريك عجلة الإنتاج.

وأوضح أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة تُمثل عائقًا رئيسيًا أمام النشاط الصناعي، في حين أن القطاعات الإنتاجية قادرة على العمل وتحقيق عوائد عند مستويات فائدة أقل بكثير من المستويات الحالية، مؤكدًا أن خفض الفائدة سيجبر الشركات الكبرى على توجيه أموالها نحو الاستثمار والإنتاج بدلًا من توظيفها في أدوات الدين وأذون الخزانة.

نظاماً تصنيفياً للودائع والقروض لضمان العدالة الاجتماعية

واقترح الصادي في تصريحات خاصة لـ«العقارية» نظاماً "تصنيفياً" للودائع والقروض لضمان العدالة الاجتماعية، قائلًا إن ودائع الشركات والمستثمرين يجب أن لا يتم تجديدها بأسعار الفائدة العالية الحالية، بل تُخفض لإجبارهم على توجيه الأموال للإنتاج.

بينما يتم طرح الفوائد العالية للفئات الهشة من أصحاب المعاشات، الأرامل، القُصر، بفائدة 22% على سبيل المثال، خاصةً وأنهم يعتمدون عليها في معيشتهم، مؤكداً أن هذه الفئة لا تتجاوز الـ10% من إجمالي الودائع "التريليونية".

وانتقد الشباب في سن العمل الذين لا يعملون ويعيشون على عوائد الشهادات البنكية عللى سبيل المثال يحصل على 200 ألف جنيه شهرياً من وديعة 10 ملايين، مؤكداً أن خفض الفائدة سيجبرهم على العمل والإنتاج بدلاً من اعتمادهم على تلك العوائد خاصةً وأنها أصبحت منخفضة.

وأضاف أن خفض العائد على ودائع الشركات الكبرى وأذون الخزانة سيدفع هذه الكيانات إلى إعادة ضخ أموالها في الاستثمار الحقيقي، وهو ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج، ورفع المعروض من السلع والخدمات، ومن ثم خفض معدلات التضخم، معتبرًا أن هذه المبادئ الاقتصادية «بديهية» لكنها لا تجد طريقها للتطبيق.

الشعب المصري يحتاج إلى مصارحة حقيقية

وتطرق الصادي إلى القضايا الجيوسياسية والاقتصادية الإقليمية، معتبرًا أن الحديث عن صفقات كبرى أو حلول سحرية لخفض الدين العام يفتقر إلى المصداقية ما لم يكن مدعومًا بإجراءات واضحة وأسماء اقتصادية ذات ثقل، مشددًا على أن خفض الدين لا يمكن أن يتحقق دون إصلاحات هيكلية حقيقية، وزيادة الإنتاجية، وتحسين مؤشرات الزراعة والصناعة والموارد المائية.

 وأكد أن الشعب المصري يحتاج إلى مصارحة حقيقية بدلًا من تصريحات عامة، مشيرًا إلى أن أي تحسن مؤقت دون إصلاحات مستدامة قد يقود إلى انتكاسة جديدة في عام 2027.

واختتم الصادي حديثه بالتأكيد على أن الاقتصاد المصري يمتلك مقومات الصمود، لكنه يعاني من سوء الإدارة وغياب التخطيط طويل الأجل، داعيًا إلى تبني سياسات واضحة، وتحقيق قدر أكبر من الشفافية، والاعتماد على حلول اقتصادية حقيقية بدلًا من المسكنات المؤقتة، متوقعًا أن البنوك لن تطرح شهادات بعوائد مرتفعة مرة أخرى وأن شهادات الـ27% لم نراها مجددًا. 

حسن الصادي: تسونامي اقتصادي قادمحسن الصادي: تسونامي اقتصادي قادم