حثّ أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس دونالد ترامب على التراجع عن قرار إدارته سحب ما يقرب من 30 سفيرًا أمريكيًا من مواقعهم حول العالم، محذرين من أن هذه الخطوة تخلق «فراغًا دبلوماسيًا خطيرًا» في أكثر من 100 سفارة أمريكية، ما يمنح قوى دولية منافسة، في مقدمتها الصين وروسيا، فرصة لتوسيع نفوذها على حساب المصالح الأمريكية.
وجاءت هذه التحذيرات في رسالة رسمية وجّهها عشرة أعضاء ديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إلى الرئيس الأمريكي، مؤكدين أن القرار يمثل سابقة غير معهودة في تاريخ السلك الدبلوماسي الأمريكي الحديث.
إدارة ترامب تسحب دبلوماسيين من عدة قارات
وخلال الأيام الماضية، أمرت إدارة ترامب بسحب دبلوماسيين يعملون في بعثات أمريكية بأوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وإعادتهم إلى واشنطن، في خطوة قالت إنها تهدف إلى ضمان أن تعكس البعثات الأمريكية في الخارج أولويات سياسة «أمريكا أولًا».
غير أن وزارة الخارجية الأمريكية لم توضّح حتى الآن آلية أو جدولًا زمنيًا لتعيين بدلاء لهؤلاء السفراء. واكتفى مسؤول رفيع في الوزارة بالقول، إن عمليات الاستدعاء تُعد «إجراءً معتادًا في أي إدارة جديدة».
«خطوة غير مسبوقة» منذ قرن
الديمقراطيون اعتبروا هذه التبريرات غير كافية، مشيرين إلى أن عمليات السحب المفاجئة بهذا الحجم لم تشهدها أي إدارة أمريكية منذ إنشاء السلك الدبلوماسي الحديث قبل نحو مئة عام.
وأوضح أعضاء مجلس الشيوخ أن القرار رفع عدد المناصب الشاغرة لمنصب السفير الأمريكي إلى أكثر من 100 منصب، أي ما يقارب نصف السفارات الأمريكية حول العالم، لافتين إلى أن نحو 80 منصبًا كانت شاغرة بالفعل قبل هذا القرار.
تحذير من توسع نفوذ الصين وروسيا
وفي رسالتهم، التي اطلعت عليها وكالة «رويترز»، أكد المشرعون أن غياب القيادة الدبلوماسية الرفيعة عن هذا العدد الكبير من السفارات يضعف قدرة واشنطن على التواصل المباشر مع قادة الدول الحليفة.
وأضافوا: «بينما تفتقر أكثر من 100 سفارة أمريكية إلى قيادة رفيعة المستوى في انتظار تعيين سفراء جدد، ستواصل الصين وروسيا وغيرهما اتصالاتهما المنتظمة مع القادة الأجانب الذين تخلّينا عنهم فعليًا، بما يتيح لخصومنا توسيع نفوذهم وتقويض المصالح الأمريكية».
الخارجية الأمريكية ترد: الديمقراطيون يعرقلون التعيينات
في المقابل، اتهم متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الديمقراطيين في مجلس الشيوخ بعرقلة تثبيت السفراء الجدد، معتبرًا أن التأخير في شغل المناصب الدبلوماسية يعود إلى ما وصفه بـ«عرقلة غير مسبوقة لترشيحات الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك السفراء وكبار الدبلوماسيين».
مناطق بلا تمثيل أمريكي رفيع
وسلّط أعضاء ديمقراطيون، من بينهم جين شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية، والسيناتور كريس ميرفي، الضوء على مناطق استراتيجية سيخلو فيها التمثيل الأمريكي الرفيع، في وقت تواصل فيه بكين وموسكو تعزيز حضورهما السياسي والاقتصادي.
وأشاروا إلى أن الولايات المتحدة ستكون في موقف أضعف في مناطق تمتد من المحيطين الهندي والهادئ إلى إفريقيا والبلقان وأمريكا اللاتينية، خصوصًا في مواجهة النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين، لافتين إلى أن واشنطن ستبقى دون تمثيل دبلوماسي رفيع في أكثر من نصف دول إفريقيا جنوب الصحراء.
دعوة عاجلة لعكس القرار
وأكدت الرسالة أن السفراء الذين شملهم القرار «أظهروا التزامًا طويل الأمد بتنفيذ سياسات إدارات من الحزبين على مدار عقود»، داعية الرئيس الأمريكي إلى التراجع الفوري عن القرار قبل أن يلحق مزيد من الضرر بمكانة الولايات المتحدة الدولية.
وجاء في نص الرسالة: «نحضّكم على عكس هذا القرار فورًا، قبل أن يحدث ضرر إضافي لمكانة أمريكا في العالم».
إعادة هيكلة واسعة للسلك الدبلوماسي
وكان الرئيس ترامب قد أصدر، في فبراير الماضي، توجيهًا لوزير الخارجية ماركو روبيو بإعادة هيكلة السلك الدبلوماسي الأمريكي، بما يضمن تنفيذ السياسة الخارجية للإدارة «بإخلاص».
وفي يوليو، أقالت الإدارة أكثر من 1300 دبلوماسي وموظف مدني في وزارة الخارجية، في إطار خطة أوسع لتقليص الجهاز الدبلوماسي.
وبحسب بيانات رسمية، بلغ إجمالي تقليص القوى العاملة في وزارة الخارجية داخل الولايات المتحدة نحو 3 آلاف موظف، نتيجة الإقالات والاستقالات المؤجلة والتقاعد المبكر، ما يمثل أكثر من 11% من ضباط السلكين الدبلوماسي والمدني.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض