كان عام 2019 بمثابة نقطة تحول جوهرية في استراتيجية التعدين الصينية، حيث تراجعت مشاركتها في كندا وأمريكا وجزيرة غرينلاند بشكل حاد منذ ذلك الحين، لتتجه بوصلتها نحو روسيا.
هذا التحول ليس مجرد تغيير تجاري، بل هو انعكاس للأوضاع الجيوسياسية والتقارب المتزايد بين بكين وموسكو.
وبحسب دراسة لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، أصبح القطب الشمالي ساحة للتنافس الجيوستراتيجي، خاصة مع تزايد الأهمية العالمية للمعادن الحرجة التي تسيطر الصين على جزء كبير من عمليات تعدينها ومعالجتها.
الدوافع الاقتصادية والبيئية للصراع على الموارد
تعتمد الصين بشكل حيوي على المعادن والمنتجات المكررة لتلبية متطلبات تحديث اقتصادها وتغطية الطلب المحلي المتزايد. وتستخدم هذه المواد الخام سواء في صناعاتها المباشرة أو كسلع وسيطة ونهائية. وقد ساهم التغير المناخي وتقلص الغطاء الجليدي البحري في تسهيل الوصول إلى هذه الموارد، مما أجج التنافس الدولي في المنطقة. ومع ذلك، تظل تكلفة الاستخراج في هذه الظروف القاسية مرتفعة للغاية، مما يجعل المشروعات غير مجدية اقتصاديا دون دعم مالي من الدولة، وهو ما توفره الحكومة الصينية لشركاتها لضمان استمرار إمداداتها.
انحسار النفوذ الصيني في أمريكا الشمالية وغرينلاند
بعد أن كانت كندا الوجهة المفضلة للصين بين عامي 2005 و2022 بـ 34 مشروعا وحصص في 27 شركة تعدين، تدهور هذا الوجود بشكل كبير. وبحلول أواخر عام 2025، من المتوقع أن يتقلص عدد المشاريع الصينية في كندا إلى 14 مشروعا فقط. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى:
• الإجراءات الحمائية: تعديل قانون الاستثمار الكندي في 2024 الذي أدى لعمليات بيع قسرية للمشاريع الصينية بدواعي "الأمن الاقتصادي.
• الاستحواذات: قيام شركات أخرى بالاستحواذ على شركات كانت تمتلك الصين حصصا فيها.
• الانسحابات الإقليمية: في ألاسكا، تراجعت حصة الصين في منجم "Red Dog" من 17.2% إلى 5.4%. أما في غرينلاند، فقد انسحبت الشركات الصينية من 4 مشاريع من أصل 5 نتيجة صعوبات مالية وظروف تجارية معقدة.
التحالف التعديني بين بكين وموسكو
في المقابل، عززت الصين حضورها في قطاع المعادن الروسي، حيث شهدت الفترة منذ عام 2015 إطلاق 5 مشاريع جديدة، بدأت معظمها في عام 2019 أو ما بعده. يعكس هذا التوسع قوة العلاقات الثنائية وحاجة روسيا الماسة لرأس المال الأجنبي.
ورغم أن الموارد الروسية تظل جاذبة جدا للجانب الصيني، إلا أن الدراسة تشير إلى أن وتيرة هذا التعاون قد تظل مرتبطة بمدى استمرار أو رفع العقوبات الدولية المفروضة على موسكو.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض