حصاد الفضة في 2025.. «معدن الشيطان» يسجل مستويات تاريخية وسط توقعات بمواصلة الصعود


الجريدة العقارية السبت 20 ديسمبر 2025 | 05:44 مساءً
الفضة
الفضة
محمد فهمي

شهدت أسعار الفضة قفزات قوية خلال العام الجاري، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، وسط توقعات بمواصلة الصعود رغم الضغوط المتزايدة على جانب المعروض.

ويأتي هذا الأداء اللافت بالتزامن مع الارتفاع الحاد في أسعار الذهب، الذي تجاوز حاجز 4 آلاف دولار للأونصة، ما عزز الاهتمام بالمعادن الثمينة كملاذات استثمارية في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.

وسجلت الفضة أعلى سعر في تاريخها عند 54.47 دولارًا للأونصة خلال شهر أكتوبر الماضي، محققة مكاسب سنوية تجاوزت 70%، ورغم التراجع المؤقت الذي أعقب هذه الذروة، عادت الأسعار إلى مسار الصعود مرة أخرى، مدفوعة بتراجع الإمدادات واستمرار الطلب القوي.

ارتفاعات قياسية في سوق الفضة

وقال نور الدين مفيد، الخبير الاقتصاي إن الذهب والفضة شهدا ارتفاعات قياسية مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الفضة ارتفعت بأكثر من 100% وأن الذهب شهد ارتفاعات كبيرة أيضًا.

وأضاف في تصريح له، أن استمرار هذه الارتفاعات في 2026 مرتبط بعدة عوامل، أبرزها استمرار التضخم والطلب على منتجات الذكاء الاصطناعي.

وأوضح أن أي إفراط في التوقعات الإيجابية قد يؤدي إلى تراجع الأسعار، مستشهدًا بتجربة شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين عندما ارتفعت الأسعار بشكل قياسي ثم شهدت تراجعًا بحوالي 400 دولار للذهب.

ولفت إلى أن الفضة في وضع أفضل من الذهب بعد الارتفاع الأخير، إلا أن أي تباطؤ في الطلب على الذكاء الاصطناعي قد يؤثر سلبًا على أسعار الفضة بشكل أكبر.

سوق أصغر وتقلبات أكبر

وتُعد القفزة الأخيرة ثالث مرة فقط خلال نصف قرن تصل فيها أسعار الفضة إلى مستويات قياسية، بعد موجتي الارتفاع في عامي 1980 و2011، حين لعبت الأزمات المالية والمضاربات دورًا رئيسيًا في دفع الأسعار.

فحجم سوق الفضة لا يتجاوز عُشر حجم سوق الذهب، ما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات الحادة عند حدوث اختلالات في العرض والطلب.

أسباب رئيسية وراء صعود الأسعار

ويرجع الخبراء الطفرة الحالية في أسعار الفضة إلى أربعة عوامل أساسية، في مقدمتها تراجع المعروض العالمي مقابل تنامي الطلب، لا سيما من الهند، إضافة إلى الاستخدامات الصناعية المتزايدة في قطاعات البطاريات والإلكترونيات، فضلًا عن تأثير الرسوم الجمركية وضعف إنتاج المناجم.

الهند محرك الطلب العالمي

وتلعب الهند دورًا محوريًا في سوق الفضة، كونها أكبر مستهلك عالمي للمعدن، حيث تستخدم آلاف الأطنان سنويًا في صناعة المجوهرات والأواني والحُلي. ويزداد الطلب عادة خلال مواسم الحصاد والأعياد، وعلى رأسها مهرجان ديوالي، الذي يُعد فترة تقليدية لشراء المعادن الثمينة.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 80% من احتياجات الهند من الفضة يتم تلبيتها عبر الاستيراد، مع اعتماد كبير على الإمدادات القادمة من الخارج، في وقت يشهد فيه السوق العالمي ضغوطًا متزايدة.

تراجع المخزونات العالمية

وعلى صعيد الإمدادات، أظهرت البيانات انخفاضًا ملحوظًا في مخزونات الفضة داخل خزائن لندن خلال السنوات الأخيرة، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ أعوام، ما فاقم من أزمة المعروض ودفع تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل إلى مستويات مرتفعة للغاية في بعض الفترات.

تراجع إنتاج المناجم والطلب الصناعي

في المقابل، يعاني إنتاج مناجم الفضة من تباطؤ واضح منذ سنوات، خصوصًا في دول أميركا اللاتينية، وهو ما أدى إلى تحول الفائض السابق في السوق إلى عجز متزايد.

ويرى الخبراء أن التوسع في السيارات الكهربائية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومشروعات الطاقة الشمسية، عزز الطلب الصناعي على الفضة، نظرًا لخصائصها الفريدة في التوصيل الكهربائي والحراري.

وأشار سيمز إلى أن السيارات الكهربائية تحتوي بالفعل على كميات متزايدة من الفضة، وقد يرتفع هذا الاستخدام بشكل كبير مستقبلًا مع تطور تقنيات البطاريات.

آفاق مستقبلية لسوق الفضة

ومع تزايد الاعتماد العالمي على الكهرباء والتكنولوجيا النظيفة، تبدو الفضة في موقع قوي يجمع بين كونها معدنًا صناعيًا واستثماريًا في آن واحد، ما يعزز من جاذبيتها في المرحلة المقبلة، ويدعم التوقعات باستمرار زخم الأسعار على المدى المتوسط والطويل.