واصلت أسعار المنازل في الصين مسارها الهبوطي خلال شهر نوفمبر، في حلقة جديدة من سلسلة تراجع ممتدة منذ عدة سنوات، رغم تعهّد السلطات بتكثيف التدخلات لدعم قطاع العقارات الذي يعاني من ضغوط غير مسبوقة.
وأظهرت بيانات صادرة عن المكتب الوطني للإحصاء، أن أسعار المنازل الجديدة في 70 مدينة صينية، باستثناء الوحدات المدعومة من الدولة، انخفضت بنسبة 0.39% على أساس شهري مقارنة بأكتوبر، بعد تراجع بلغ 0.45% في الشهر السابق، والذي مثّل أكبر انخفاض شهري منذ بداية العام.
المنازل القائمة تحت ضغط أكبر مع تراجع الطلب
في المقابل، سجّلت أسعار المنازل القائمة، التي تخضع لتدخل حكومي أقل، انخفاضًا بنسبة 0.66% خلال نوفمبر، وهي الوتيرة نفسها المسجلة في أكتوبر، ما يعكس استمرار ضعف الطلب وتراجع ثقة المشترين في السوق.
وتسلّط هذه الأرقام الضوء على تعمّق أزمة قطاع العقارات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث ألقى الركود المستمر منذ نحو أربع سنوات بظلاله على معنويات المستثمرين والمستهلكين، ليصبح أحد أبرز العوائق أمام تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
مخاوف متزايدة من أزمة ديون جديدة في القطاع العقاري
وتفاقمت المخاوف مؤخرًا مع تزايد الضغوط المالية على شركة "تشاينا فانكي" (China Vanke Co)، التي تُعدّ من أبرز مؤشرات أداء القطاع العقاري الصيني، ما أعاد إلى الأذهان سيناريوهات أزمات الديون التي هزّت السوق في السنوات الماضية.
ويرى محللو "سيتي غروب"، بقيادة غريفين تشان، أن سوق الإسكان الصينية قد تواجه "واقعًا قاسيًا" بحلول عام 2026، محذّرين من استمرار التحديات الهيكلية. وتوقّع البنك الأميركي أن تتراجع مبيعات المنازل على مستوى البلاد من حيث القيمة بنسبة 11% إضافية خلال العام المقبل، ما لم تشهد مستويات السيولة تحسنًا ملموسًا.
الحكومة تدرس إجراءات لدعم السوق وتقليص المخزون
وتغذّي أزمة العقارات المتواصلة حالة من القلق لدى صانعي السياسات في الصين، الذين يدرسون حزمة من الإجراءات التحفيزية تشمل دعم الرهون العقارية وتقديم إعفاءات ضريبية للمشترين، وفقًا لما نقلته وكالة "بلومبرغ".
وخلال اجتماع اقتصادي رفيع المستوى عُقد الأسبوع الماضي، تعهّد المسؤولون بتشجيع الاستحواذ على المخزون القائم من الوحدات السكنية، وهي خطوة يعتبرها محللون ضرورية لمعالجة مستويات المخزون المرتفعة التي تضغط على الأسعار.
قيود على البيانات والآراء المتشائمة تزيد الغموض
وفي تطور لافت، وجّه مسؤولون صينيون وكالتين خاصتين لجمع البيانات بتجميد نشر أرقام مبيعات المنازل، كما فرضت سلطات شنغهاي رقابة على منشورات تعبّر عن نظرة متشائمة تجاه مستقبل القطاع العقاري، ما أثار تساؤلات بشأن شفافية السوق في المرحلة الحالية.
توقعات باستمرار التراجع لعامين إضافيين
من جانبه، قال جون لام، رئيس أبحاث العقارات في الصين لدى "يو بي إس غروب"، إن أسعار المنازل مرشحة لمواصلة الانخفاض لمدة عامين إضافيين على الأقل. وأشار لام، الذي كان يُعرف بتفاؤله السابق تجاه تعافي السوق، إلى أن قيم المنازل المستعملة في المدن الكبرى تراجعت بأكثر من الثلث مقارنة بمستويات الذروة.
تحذيرات من ارتفاع الديون المتعثرة في البنوك
بدورها، حذّرت وكالة "فيتش للتصنيف الائتماني" في أكتوبر من أن مبيعات المنازل الجديدة من حيث المساحة قد تنخفض بنسبة تتراوح بين 15% و20% إضافية قبل أن يستقر القطاع. وأكدت الوكالة أن هذه التوقعات السلبية تعني أن الديون المتعثرة المرتبطة بالعقارات لدى البنوك الصينية مرشحة للبقاء عند مستويات مرتفعة خلال العام المقبل، ما يزيد الضغوط على النظام المالي.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض