يتجه الذهب لإنهاء عام 2025 على ارتفاع يقترب من 60%، مسجلًا أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، في قفزة غير مسبوقة أعادت المعدن الأصفر إلى صدارة الأصول الاستثمارية عالميًا.
ويمثل عام 2025 ثاني عام على التوالي يتفوق فيه الذهب على عوائد الأسهم والسندات، كما يواصل تفوقه على السندات الحكومية لأجل عشر سنوات للعام العاشر على التوالي، ما يعكس تحولًا واضحًا في سلوك المستثمرين تجاه الملاذات الآمنة.
عوامل جيوسياسية ومالية تدفع الأسعار لمستويات قياسية
يرى راجات بهاتاشاريا، كبير استراتيجيي الاستثمار في بنك «ستاندرد تشارترد» البريطاني، أن الطلب القياسي على الذهب كان مدفوعًا بحالة الغموض الجيوسياسي، إلى جانب المخاوف المرتبطة بتخفيف السياسات المالية عالميًا.
وأوضح أن هذه العوامل رفعت أسعار الذهب بأكثر من 50% خلال عام 2025 وحده، وبأكثر من 150% خلال السنوات الثلاث الماضية، مؤكدًا قناعته بأن المعدن النفيس سيواصل التفوق على الأسهم والسندات العالمية خلال عام 2026.
ورغم هذا التفاؤل، توقع بهاتاشاريا أن يبلغ متوسط أسعار الذهب نحو 4500 دولار للأوقية خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة، مع الدعوة إلى قدر من الحذر في التوقعات.
هل يصل الذهب إلى 5000 دولار للأوقية؟
في المقابل، يتزايد عدد المحللين الذين يرجحون وصول أسعار الذهب إلى مستوى 5000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، وهو ما يمثل ارتفاعًا بنحو 16% فقط مقارنة بالمستويات الحالية، أي أقل بكثير من القفزات التي شهدها المعدن هذا العام أو في 2024.
كارستن فريتش، محلل السلع في «كوميرز بنك» الألماني، أشار إلى أن أسعار الذهب تضاعفت منذ فبراير 2024، معتبرًا أن وتيرة الصعود الحالية غير قابلة للاستدامة، ومتوقعًا أن تصل الأسعار إلى نحو 4400 دولار للأوقية في 2026.
تفاؤل مشوب بالحذر من فقاعة محتملة
شانتيل شيفن، رئيسة قسم الأبحاث في «كابيتالايت ريسيرش»، لا تزال متفائلة بمستقبل الذهب حتى عام 2026، لكنها ترى أن التشكيك في زخم الارتفاع أمر صحي للأسواق.
وأوضحت أن الذهب قد يكون في مرحلة فقاعة، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة انفجارها في المدى القريب، مؤكدة أن التحولات الجذرية في النظام المالي العالمي لا تزال توفر دعمًا طويل الأجل لأسعار الذهب، مع إمكانية وصوله إلى 5000 دولار للأوقية في 2026.
مستويات سعرية جديدة تعيد تشكيل السوق
من جانبه، توقع أكاش دوشي، كبير استراتيجيي الذهب في «ستيت ستريت» لإدارة الاستثمار، أن تستقر أسعار الذهب بين 4400 و4500 دولار للأوقية خلال العام المقبل، مع استمرار ميل الزخم نحو الصعود.
وأشار إلى أن مستوى 3000 دولار أصبح بمثابة القاعدة السعرية الجديدة بدلًا من 2000 دولار، فيما بدأ مستوى 4000 دولار يحل محل 3000 دولار، ما يعزز فرص تحقيق موجة صعود جديدة قد تصل إلى 25%.
بنك أوف أمريكا: الذروة لا تأتي بسبب الأسعار فقط
أكد مايكل ويدمر، رئيس أبحاث المعادن في «بنك أوف أمريكا»، أن الارتفاعات الكبرى في أسعار الذهب لا تنتهي لمجرد وصول الأسعار إلى مستويات مرتفعة، بل عندما تتلاشى العوامل الأساسية التي قادت هذا الصعود.
وبحسب التوقعات الرسمية للبنك، من المنتظر أن يبلغ متوسط سعر الذهب 4538 دولارًا للأوقية، مع تسجيل مستوى قياسي عند 5000 دولار خلال عام 2026.
البنوك المركزية تقود الطلب العالمي على الذهب
منذ أواخر 2022، تلقت أسعار الذهب دعمًا قويًا من الطلب المكثف للبنوك المركزية، حيث أضيف أكثر من 3000 طن إلى الاحتياطيات الرسمية العالمية خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويتوقع محللو مجلس الذهب العالمي أن ترتفع مشتريات البنوك المركزية بين 750 و900 طن خلال عام 2025، في ظل استمرار التوجه نحو تنويع الاحتياطيات بعيدًا عن الدولار.
وشهد عام 2025 نقطة تحول تاريخية بتجاوز حيازات الذهب الرسمية حيازات سندات الخزانة الأمريكية، إذ يمثل الذهب حاليًا نحو 15% من إجمالي احتياطيات البنوك المركزية، مع توقعات بارتفاع النسبة المثلى إلى قرابة 30%.
2026.. عام المستثمر الفردي؟
رغم استمرار دور البنوك المركزية في توفير أرضية قوية لسوق الذهب، يرى بعض المحللين أن عام 2026 قد يشهد عودة قوية للمستثمر الفردي.
وتعتقد شيفن أن خفض أسعار الفائدة المتوقع، إلى جانب استمرار الضغوط التضخمية، سيدفع المستثمرين للخروج من السندات والتوجه نحو الذهب، باعتباره أداة تحوط وتنويع فعالة.
وأكدت أن الذهب سيكتسب أهمية أكبر داخل المحافظ الاستثمارية خلال 2026، خاصة في ظل الارتباط المرتفع تاريخيًا بين أسواق الأسهم والسندات، ما يدفع المستثمرين للبحث عن بدائل أكثر توازنًا للمحافظ التقليدية.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض