لغز أسعار الوقود في بريطانيا.. لماذا لا ينعكس تراجع النفط على المستهلكين؟


الجريدة العقارية الاحد 07 ديسمبر 2025 | 06:54 مساءً
لغز أسعار الوقود في بريطانيا.. لماذا لا ينعكس تراجع النفط على المستهلكين؟
لغز أسعار الوقود في بريطانيا.. لماذا لا ينعكس تراجع النفط على المستهلكين؟
وكالات

تشهد أسواق الوقود في بريطانيا حالة من الجدل المتصاعد، بعد استمرار أسعار البنزين والديزل عند مستويات مرتفعة لا تتوافق مع الانخفاض الواضح في أسعار النفط عالميًا، ورغم هبوط تكلفة الخام منذ منتصف يونيو، فإن السائقين لا يلمسون أي تحسن ملموس في الأسعار بالمحطات، ما أثار تساؤلات حول شفافية السوق، ومدى تأثير شركات التوزيع والتكرير، إلى جانب دور الجهات الرقابية.

تراجع عالمي في أسعار النفط يقابله ثبات في أسعار الوقود

تشير بيانات حديثة نشرتها «سكاي نيوز» إلى أن أسعار النفط العالمية انخفضت إلى نطاق يتراوح بين 62 و64 دولارًا للبرميل، بعدما كانت قد سجلت نحو 78 دولارًا في منتصف حزيران/يونيو.

ورغم هذا الهبوط، ظل متوسط سعر لتر البنزين في بريطانيا عند 1.37 باوند، بينما بلغ سعر الديزل 1.46 باوند، وهي مستويات قريبة من أسعار يناير الماضي، ما يعكس فجوة واضحة بين تكلفة الخام وسعر البيع للمستهلك.

وتتداخل عدة عوامل في تشكيل هذه الفجوة، أبرزها:

تقلب سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار

أزمة المعروض من المنتجات المكررة عالميًا

اضطرابات سلاسل التوريد وتكلفة النقل

أزمة التكرير.. فقدان منشآت حيوية يربك سوق الوقود

شهدت بريطانيا خلال العام الجاري خروج مصفاتين كبيرتين من الخدمة، ولم يتبق إلا أربع مصافٍ عاملة فقط، وهو ما أثار مخاوف من “أزمة تكرير” بسبب ارتفاع الرسوم الكربونية المحلية وتكاليف التشغيل.

وتعتبر خسارة مصفاة غرانيغماوث في اسكتلندا الأشد تأثيرًا، بعدما تركت المنطقة بلا إنتاج محلي، وأدخلتها في شبكة إمداد أطول وأكثر تكلفة، ما زاد الضغط على الأسعار.

ورغم تطمينات شركات التوزيع بأن التأثير محدود حتى الآن، يرى خبراء السوق أن تراجع القدرة المحلية على التكرير يجعل السوق أكثر هشاشة أمام أي اضطرابات مفاجئة.

اتهامات بتوسيع هوامش الربح.. وغياب “حروب الأسعار” بين السوبرماركت

جمعيات السائقين، وعلى رأسها الجمعية البريطانية للسيارات (AA) والنادي الملكي للسيارات (RAC)، انتقدت بشدة شركات الوقود، واتهمتها بتوسيع هوامش الربح، خاصة بعد توقف السلاسل التجارية الكبرى عن شن “حروب الأسعار” التي كانت تؤدي إلى خفض التكلفة للمستهلك.

وتشير التقارير إلى أن أسعار الوقود ارتفعت في تشرين الثاني/نوفمبر، رغم انخفاض أسعار الجملة بنحو 5 بنسات، في تناقض لافت أثار حفيظة المستهلكين.

كما كشفت البيانات عن وجود فروق قد تصل إلى 9 بنسات بين بلدات متجاورة، في تفاوت يوصف بأنه “غير مبرر” ويعكس ضعف المنافسة الفعلية في السوق.

وتؤكد هذه المنظمات أن هوامش الربح الحالية أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، ما يزيد من الشكوك حول بنية التسعير.

شركات الوقود تدافع: “هوامشنا ثابتة والنفقات ارتفعت”

في المقابل، تنفي الهيئات الممثلة لشركات الوقود الاتهامات، وتؤكد أن هامش الربح الفعلي بعد خصم التكاليف، لا يتجاوز 3 إلى 4%، وهي النسبة نفسها للعام الماضي.

وتشير إلى أن تكاليف التشغيل ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الأربع الماضية، وعلى رأسها:

أسعار الطاقة

الحد الأدنى للأجور

التأمين الوطني

خسائر محطات الوقود بسبب السرقات

“محدد أسعار الوقود”.. مشروع رقابي مرتقب وتأخر في التنفيذ

أوصت هيئة المنافسة والأسواق (CMA) بتطبيق نظام “مُحدِّد أسعار الوقود” Fuel Finder Scheme، المعروف شعبيًا باسم “PumpWatch”، بهدف نشر أسعار الوقود لحظة بلحظة وتمكين السائقين من مقارنة الأسعار بسهولة، ما يعزز المنافسة ويحد من فروق الأسعار بين المناطق.

ومن المتوقع أن يبدأ العمل بالنظام في ربيع 2026، لكن الهيئة أشارت إلى أن التنفيذ تأخر بسبب تغير الحكومات وتباطؤ الإجراءات التشريعية اللازمة لمنحها الصلاحيات الكاملة.