الفدان بـ 54 ألف جنيه | أزمة إيجارات أراضي الأوقاف تشتعل والفلاحين: تطالب بإعادة النظر في القيم الإيجارية


الجريدة العقارية الاحد 07 ديسمبر 2025 | 11:25 صباحاً
إيجارات أراضي الأوقاف
إيجارات أراضي الأوقاف
مصطفى الخطيب

حالة من الغضب المتصاعد بعد القرارات الأخيرة لهيئة الأوقاف برفع القيمة الإيجارية للفدان في عدد من المناطق إلى مستويات غير مسبوقة، وهو ما اعتبره المزارعون عبئًا جديدًا يهدد مصدر رزقهم الوحيد. وبينما تؤكد الهيئة أن القرار يستهدف تحقيق “العدالة السعرية”، يرى الفلاحون أن الزيادات لا تعكس واقع التربة ولا إمكاناتهم الاقتصادية، بل تنذر بأزمة حقيقية قد تمتد آثارها إلى الإنتاج الزراعي والسوق المحلي. وفي ظل هذا الجدل المحتدم، تبرز دعوات واسعة لإعادة النظر في هذه السياسات حفاظًا على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات الريفية.

إيجارات أراضي الأوقاف

وفي التقرير التالي نرصد لكم تفاصيل أزمة إيجارات أراضي الأوقاف:

قالت وزارة الأوقاف أنها تتابع باهتمام واحترام تفاعلات بعض المواطنين وبعض وسائل الإعلام الوطنية وغيرها مع قراراتها الحديثة بخصوص إعادة النظر في عدالة القيم الإيجارية المعمول بها في العلاقات التعاقدية التي تجمع هيئة الأوقاف المصرية بأطرافها الكرام من المواطنين المصريين. واحترامًا لحق المواطن في المعرفة، واستجابةً لاستفسارات الزميلات والزملاء من الأوساط الصحفية والإعلامية، وبيانًا لما يمكن تبيانه من جوانب العمل المدروسة التي أثمرت تلك القرارات.

هيئة الأوقاف

وتوضح وزارة الأوقاف ببيان ما يلي: أولاً: أن الوزارة -ممثلةً في هيئة الأوقاف- مؤتمنة على إدارة العيون الوقفية وأموال الوقف بمقتضى القانون؛ فالوقف مال الله، والأمانة معقودة على الوزارة أن تتعامل بأقصى قدر ممكن من المهنية والمسئولية في القيام بواجب الأمانة.

ثانيًا: أن الوزارة -ممثلة في الهيئة- عكفت منذ التغييرات الإدارية الإيجابية في إدارتها على دراسة جميع جوانب العلاقات التعاقدية، وحصر الأعيان الوقفية وتسجيلها، ومداواتها مما شابها من تراخٍ أو سوء إدارة طال أمده.

ثالثًا: أن الوزارة -في سبيل تحقيق المطلوب- شكلت لجنة من خبراء الزراعة من أبناء الهيئة، وكلفتهم بتكليفات ميدانية محددة وواضحة؛ لاستجلاء جوانب الحق والعدالة، ورفعها إلى إدارة الهيئة.

العلاقات التعاقدية والقيم الإيجارية

رابعًا: أن عمل اللجنة المذكورة كشف عن عوار كبير في عدد من العلاقات التعاقدية والقيم الإيجارية المترتبة عليها في الأراضي الزراعية، بما أفضى إلى إهدار مال الوقف، ومساس بأمانة المسئولية، فلزم -والحال هذه- التدخل لإعادة التوازن الشرعي القانوني المطلوب لتلك العلاقات. ولا نظن أن أحدًا يرضى لنا التقصير أو التفريط في القيام بشئون أي وقف ورعايته وتعظيم الاستفادة منه قيامًا بالأمانة بين يدي الله.

خامسًا: أن عمل اللجنة ترتب عليه اتخاذ قرارات تصحيحية تعيد التوازن لمسارات العلاقات التعاقدية في استغلال الأراضي الزراعية، وإعادة هيكلة منظومتها الإيجارية بما يحقق جانبًا من العدالة المرجوة والتوازن المطلوب بين احتياجات المستأجرين ومقتضيات حُسن إدارة الوقف.

سادسًا: أن القيم الإيجارية الصادرة بها قرارات الهيئة مبنية على زيارات ومعاينات مستفيضة من لجنة مركزية وإقليمية بالهيئة، أعقبها لقاءات مع المختصين في كل منطقة من مناطق العلاقات التعاقدية على مستوى الجمهورية، وتدعيم لما انتهوا إليه من قيم إيجارية عادلة ورحيمة، وأعقب ذلك تقسيم الأراضي من حيث القيم الإيجارية المستحقة عنها إلى أراض من الفئة الممتازة، والفئة الجيدة، والفئة المتوسطة، والفئة الضعيفة؛ وذلك وفق مساحاتها وجودة تربتها وأماكنها وقربها من الخدمات وما إلى ذلك من اعتبارات مرعية، ثم تحديد القيم الإيجارية بتفاوت مناسب بين تلك الفئات تحقيقًا للعدالة المطلوبة.

سابعًا: أن الوزارة -ممثلة في الهيئة- حرصت على إنفاذ توجيهات الوزير بمراعاة القائمين على زراعة مساحات مفتتة بالغة الصغر؛ حرصًا على معايشهم وعلى امتداد عملهم في تلك الأراضي المفتتة لأجيال.

والوزارة إذ تحرص على أداء واجبها في نظارة الوقف، وحسن إدارته واستثماره، وإنفاق ريعه وفق شروط الواقفين، فإنها تؤكد أن القيم الإيجارية -بعد قرارات التصحيح- ما زالت رغم كل ما سبق تسعى للوصول إلى التساوي بنظيراتها في السوق من الأراضي المجاورة والمحيطة بالأراضي والأعيان الوقفية، حرصًا على عدم الإثقال الشديد على المستأجرين من ناحية، وحرصًا على الوصول التدريجي إلى القيمة السوقية العادلة من ناحية أخرى حتى لا يكون هناك تفريط في أي حق من حقوق الأوقاف التي نحن عليها مؤتمنون، كما تؤكد حرصها على تلافي أي عوار قائم، ومراعاة مصالح طرفي التعاقد وفق صحيح القانون، والقضاء على تعدد الوسطاء المتربحين غير الشرعيين بين الهيئة وبين المستأجرين النهائيين، والاقتراب -قدر الممكن- من القيم السوقية السائدة التي هي مرعية بالفعل في تسويق منتجات الأراضي وليس في قيمها الإيجارية حتى اتخاذ قرارات التصحيح السالف بيانها.

رفع قيمة إيجار الفدان

قال حسين عبدالرحمن أبو صدام، الخبير الزراعي ونقيب عام الفلاحين، إن قرار هيئة الأوقاف برفع قيمة إيجار الفدان في بعض المناطق من 19 ألف جنيه إلى 54 ألف جنيه قرار جانبه الصواب، واعتمد على تقديرات غير دقيقة، ما أدى إلى حالة واسعة من الغضب بين المزارعين، وزاد أعباءهم خلافًا للهدف الأساسي من تأجير هذه الأراضي لهم.

وأضاف أبو صدام: "الوقف مال الله، والأمانة تقتضي منكم أن تُخفِّفوا به الأعباء عن خلق الله، لا أن تزيدوها."

وأوضح نقيب الفلاحين أن مساواة إيجارات أراضي الأوقاف بالأراضي المجاورة ليست عدلًا، لأن بعض ملاك الأراضي الخاصة يرفعون الإيجارات استغلالًا لحاجة المزارعين، وهو ما يجب مقاومته لا تعزيزه. كما أن مزارعي أراضي الأوقاف هم من استصلحوا هذه الأراضي وطوروا خصوبتها على مدى سنوات طويلة، بعكس مستأجري الأراضي الخاصة الذين يستلمون أرضًا جاهزة للزراعة لمدة إيجارية لا تتجاوز عامًا واحدًا.

تخفيف الأعباء عن مزارعي أراضي الأوقاف

وتابع عبدالرحمن: إن تخفيف الأعباء عن مزارعي أراضي الأوقاف ليس تفريطًا في حقوق الدولة كما يدّعي البعض، بل هو جزء من الهدف السامي لتأجير هذه الأراضي في الأساس.

وأشار إلى أن تزايد شكاوى المزارعين من ارتفاع القيمة الإيجارية بشكل مبالغ فيه يكشف مدى تأثير القرار على المصلحة العامة، مؤكدًا أن القرار يفاقم حالة السخط لدى المواطنين ويضغط على الفلاحين الذين يعتمدون على هذه الأراضي كمصدر رزق وحيد، وقد ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.

إعادة النظر في هذه القيم الإيجارية

وطالب نقيب الفلاحين هيئة الأوقاف المصرية بسرعة إعادة النظر في هذه القيم الإيجارية وتعديلها بما يتناسب مع قدرات المزارعين وطبيعة الأراضي، خاصة أن معظم أراضي الأوقاف تقع بالقرب من الأحوزة العمرانية وتعاني من ضعف الخصوبة، ومع تدني أسعار المحاصيل لا ينبغي أن يتجاوز إيجار الفدان 25 ألف جنيه.

واختتم أبو صدام تصريحه بالتأكيد على ضرورة أن تعيد الحكومة تقييم إيجارات جميع الأراضي التابعة لها—سواء كانت أملاك دولة أو محافظات أو إصلاحًا زراعيًا أو أوقافًا أو طرح نهر—بما يحقق المصلحة العامة، ويمنع استغلال الملاك للمستأجرين، ويحافظ على استقرار القطاع الزراعي ومعيشة الفلاحين ويجنب المجتمع حالة السخط وعدم الرضا.