الهند وروسيا تعززان شراكتهما في ظل ضغوط أمريكية… قمة مودي وبوتين تفتح ملف النفط والسلاح والتجارة


الجريدة العقارية الجمعة 05 ديسمبر 2025 | 11:02 صباحاً
قمة مودي وبوتين تفتح ملف النفط والسلاح والتجارة
قمة مودي وبوتين تفتح ملف النفط والسلاح والتجارة
وكالات

عقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعًا موسعًا الجمعة، في وقت تواجه فيه نيودلهي ضغوطًا أمريكية متزايدة لخفض اعتمادها على النفط الروسي، بالتزامن مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وتوترات اقتصادية متعلقة بالرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات الهندية.

مودي استقبل بوتين واصفًا إياه بـ"الصديق الحقيقي"، مؤكّدًا أن العالم بحاجة إلى العودة إلى مسار السلام، ومشيرًا إلى أن الجهود الدبلوماسية يجب أن تستمر لإنهاء الحرب. الرئيس الروسي بدوره ثمّن تصريحات مودي، وأشاد بما وصفه بالعلاقات التاريخية العميقة والثقة المتبادلة، خصوصًا في مجالات التعاون العسكري والتقني.

ملفات استراتيجية على طاولة المباحثات

استمرت المحادثات الثنائية ساعتين، وسط توقعات بالإعلان عن اتفاقات جديدة في مجالات الدفاع والتقنيات العسكرية، وهي قطاعات تعد من أهم ركائز التعاون بين البلدين.

تأتي هذه الزيارة بينما تجد الهند نفسها في مواجهة ضغوط أمريكية غير مسبوقة، تتهمها بالمساهمة في تمويل العمليات العسكرية الروسية عبر استمرار استيراد النفط الروسي بأسعار مخفضة. وتنظر واشنطن إلى هذه المشتريات بوصفها تقويضًا للعقوبات المفروضة على موسكو.

ويرى خبراء أن تحركات نيودلهي تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد لتنويع شراكاتها الاقتصادية والسياسية. ويشير أشوك مالك، الباحث في "مجموعة آسيا"، إلى أن الزيارة تعكس توجه الهند لتوسيع خياراتها في ظل الضغوط الأمريكية والرسوم الجمركية التي أثرت على جزء كبير من تجارتها.

توتر تجاري مع واشنطن… والرسوم الجديدة تزيد التعقيد

كانت الإدارة الأمريكية قد فرضت في نهاية أغسطس رسوماً جمركية إضافية بنسبة 50% على الصادرات الهندية، وهو ما شكّل صدمة لنيودلهي التي كانت تجري مفاوضات للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة.

وفي تصريحات لاحقة، قال الرئيس الأمريكي إن مودي وعده بوقف واردات النفط الخام الروسي، الذي يشكل 36% من إجمالي النفط الذي تكرره الهند، إلا أن نيودلهي واصلت شراء الخام الروسي لما يوفره لها من ميزة سعرية كبيرة.

الهند، التي تُعد الدولة الأكثر سكانًا في العالم، أصبحت من أكبر مستوردي النفط الروسي بعد تراجع الطلب الأوروبي بسبب الحرب. وقد وفرت هذه المشتريات مليارات الدولارات لنيودلهي، بينما منحت موسكو منفذًا حيويًا لصادراتها النفطية.

ورغم ذلك، قلّصت الهند مؤخراً وارداتها من الخام الروسي بفعل شدّة العقوبات المفروضة على شركات كبرى في روسيا، مثل "روسنفت" و"لوك أويل". ومع ذلك، شدّد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قبل الزيارة على أن هذه المبادلات مفيدة للطرفين وتشكل ركيزة مهمة للعلاقة الثنائية.

الهند بين واشنطن وموسكو: سياسة توازن حذرة

اختارت نيودلهي منذ بداية الحرب اتباع سياسة الحياد الحذر، فلم تنتقد روسيا صراحة، لكنها في الوقت نفسه حافظت على علاقات متينة مع أوروبا والولايات المتحدة. وكان مودي قد دعا في عام 2022 أثناء لقاء مع بوتين في أوزبكستان إلى إنهاء الحرب في أسرع وقت، في تصريح لقي اهتمامًا عالميًا.

وتؤكد الهند مرارًا تمسكها بنظام دولي متعدد الأقطاب، وتقاوم الضغوط الغربية للابتعاد عن موسكو. ورغم توسعها في شراء الأسلحة من دول أخرى مثل فرنسا، وتفضيلها المتزايد للصناعات الدفاعية المحلية، تبقى روسيا أحد أكبر موردي السلاح لها.

صفقات أسلحة محتملة… إس-400 وسوخوي-57 على الطاولة

بعد الاشتباكات الأخيرة مع باكستان في مايو، أبدت الهند اهتمامًا متجددًا بشراء أنظمة دفاع جوي روسية متقدمة من طراز "إس-400". ووفق تصريحات بيسكوف، فإن هذه الملفات مطروحة للنقاش خلال الزيارة.

كما أفادت تقارير صحفية هندية بأن القوات الجوية الهندية تدرس شراء مقاتلات روسية من طراز "سوخوي-57"، في إطار خطط لتعزيز قدراتها الجوية.

تبادل تجاري قياسي… وعجز واضح لصالح روسيا

يسعى البلدان لإعادة التوازن إلى التبادل التجاري، الذي بلغ مستوى غير مسبوق عند 68.7 مليار دولار خلال العام المالي 2024-2025. ورغم ذلك، لا يزال الميزان التجاري مائلًا بقوة لصالح روسيا نتيجة واردات النفط الضخمة.

وبينما تحاول نيودلهي تعزيز صادراتها إلى السوق الروسية لتقليل الفجوة، تدرك موسكو أهمية استمرار هذه الشراكة، خصوصًا في ظل العقوبات الغربية التي قلصت خياراتها التجارية.