تسود حالة من القلق في سوق العملات الرقمية بعد إعلان شركة "ستراتيجي" (Strategy) – أكبر الشركات المدرجة الحائزة لعملة "بيتكوين" – إنشاء احتياطي نقدي بقيمة 1.4 مليار دولار لتمويل توزيعات الأرباح ومدفوعات الفوائد خلال الفترة المقبلة.
ورغم أن الهدف من هذه الخطوة هو طمأنة المستثمرين بشأن عدم اضطرار الشركة لبيع جزء من محفظتها الضخمة التي تقدر بنحو 56 مليار دولار من "بيتكوين"، إلا أنها لم تنجح في الحد من موجة المخاوف، التي تفاقمت مع تراجع أسعار العملة الرقمية.
وقالت الشركة الأميركية، التي تتخذ من تايسونز كورنر بولاية فيرجينيا مقرًا لها، إن الاحتياطي الجديد الممول من عائدات بيع الأسهم العادية من الفئة A سيغطي على الأقل 21 شهرًا من توزيعات الأرباح، مع خطط لزيادة التغطية لتصل إلى عامين كاملين مستقبلًا، في مسعى لحماية نموذجها المالي المعتمد على "الخزينة الرقمية".
لكن الإعلان لم يمنع تراجع أسهم الشركة خلال تداولات الإثنين بما يصل إلى 12% قبل أن تقلص خسائرها عند الإغلاق عند حدود 3.3%، ما يعكس استمرار المخاوف من احتمالية اللجوء إلى بيع "بيتكوين" حال استمرار الضغوط على الأسعار.
مخاوف المستثمرين تتصاعد مع تراجع مؤشر القيمة الصافية المعدلة
ارتفعت وتيرة القلق في السوق بعدما بلغ مؤشر القيمة الصافية المعدلة للشركة mNAV نحو 1.17، وهو مقياس يقارن بين القيمة السوقية للمؤسسة وقيمة حيازاتها من "بيتكوين".
وتشير تقديرات محللين إلى أن وصول المؤشر لمنطقة سلبية قد يفرض على الشركة بيع بعض الأصول الرقمية.
وكان الرئيس التنفيذي فونغ لي قد لمح الأسبوع الماضي إلى أن بيع "بيتكوين" قد يكون خيارًا مطروحًا – وإن كان الأخير – في حال تطلب الأمر توفير سيولة لتغطية توزيعات الأرباح.
وجاء ذلك تزامنًا مع هبوط سعر "بيتكوين" 5.4% إلى مستوى 86 ألف دولار خلال تعاملات الإثنين، وهو ما يزيد الضغوط على الشركة التي يعتمد نموذجها المالي على إصدار أسهم جديدة لتمويل شراء المزيد من العملات.
نموذج الخزينة الرقمية أمام اختبار حقيقي
منذ سنوات، اعتُبرت "ستراتيجي" – المعروفة سابقًا باسم "مايكروستراتيجي" – أحد أبرز النماذج التي دمجت الثقة بأسواق العملات الرقمية مع أدوات التمويل العامة لتعظيم الحيازات من "بيتكوين"، لكنها اليوم تواجه تحديات متزايدة مع انخفاض شهية المخاطرة وتراجع الأسعار عالميًا.
كما أن نشاط الشركة الأساسي في تطوير البرمجيات ما يزال غير قادر على توليد تدفقات نقدية كافية لتغطية الالتزامات المستحقة، في وقت لا تدر فيه "بيتكوين" أي عائد توزيعي بطبيعتها، ما يعزز المخاوف بشأن قدرة الشركة على الحفاظ على استدامة نموذجها المالي دون تصفية بعض الأصول.
وأعلنت الشركة هذا الأسبوع شراء 130 وحدة “بيتكوين” جديدة بقيمة 11.7 مليون دولار بتمويل من بيع الأسهم، في محاولة للحفاظ على استراتيجيتها رغم ضغوط السوق.
تراجع السهم وإمكانية الخروج من المؤشرات العالمية
مواصلة الضغوط انعكست بوضوح على أداء سهم الشركة، الذي تراجع بأكثر من 65% من أعلى مستوى له في نوفمبر 2024، بينما حذر محللون لدى "جيه بي مورجان" من احتمالية استبعاد "ستراتيجي" من مؤشرات رئيسية، وهو ما قد يؤدي إلى تدفقات خارجة بمليارات الدولارات من الصناديق المرتبطة بتلك المؤشرات.
كما قامت الشركة بتعديل توقعاتها للأرباح السنوية، بعد أن كانت قد بنت توقعاتها السابقة على وصول "بيتكوين" إلى مستوى 150 ألف دولار بنهاية 2025.
وتشير التوقعات الحالية إلى أن الدخل التشغيلي قد يتراوح بين خسائر 7 مليارات دولار وأرباح 9.5 مليارات دولار، وفقًا لتحركات سعر العملة المشفرة.
وتبقى الصورة المستقبلية معقدة، مع مفاضلة مستمرة بين الحفاظ على الثقة في "بيتكوين" وعدم اضطرار الشركة للتخلي عن جزء من أصولها في الوقت الخطأ من دورة السوق.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض