تتواصل المناقشات الدولية بشأن مقترحات سلام تهدف إلى إنهاء الصراع المستمر منذ سنوات في منطقة شرق أوروبا، مع التركيز على ضمانات أمنية وتقسيم المقترحات إلى عناصر قابلة للتنفيذ، وتُناقش أيضاً الاعتراف بالمكاسب الإقليمية ومناطق النفوذ، في ظل استمرار التوترات العسكرية وتعقيدات التفاوض بين الأطراف المعنية.
في الوقت ذاته، تستمر العمليات العسكرية على الأرض، حيث تسعى القوات للسيطرة على مدن استراتيجية عبر تحركات تكتيكية متدرجة تشمل محاصرة المدن والتقدم في جبهات محددة، ويعكس الوضع الحالي أن الخيارات المتاحة بين الأطراف تتراوح بين التوصل إلى اتفاق سلام أو استمرار النزاع، مع انعكاسات مباشرة على خطوط المواجهة والوضع الإنساني في المناطق المتأثرة.
إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية برعاية أمريكية
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، إن مسودة مقترحات السلام التي ناقشتها الولايات المتحدة وأوكرانيا يمكن أن تصبح الأساس لاتفاقيات مستقبلية لإنهاء الصراع في أوكرانيا، لكن روسيا ستواصل القتال إذا لم يحدث ذلك.
ويقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ فترة طويلة إنه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا، وهو الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، لكن جهوده حتى الآن، بما في ذلك القمة التي عقدها مع الرئيس فلاديمير بوتن في ألاسكا في أغسطس، لم تحقق السلام.
وكانت خطة سلام أمريكية مؤلفة من 28 نقطة قد ظهرت الأسبوع الماضي، مما أثار قلق المسؤولين الأوكرانيين والأوروبيين الذين شعروا بأنها تخضع لمطالب موسكو الأساسية لحلف شمال الأطلسي، وسيطرة موسكو على خمس أوكرانيا والقيود المفروضة على الجيش الأوكراني، وبعد ذلك قدمت القوى الأوروبية مقترحها المضاد للسلام، وفي المحادثات في جنيف، قالت الولايات المتحدة وأوكرانيا إنهما أنشأتا "إطار سلام محدث ومحسن" لإنهاء الحرب.
وقال بوتين على هامش قمة مع زعماء مجموعة من الجمهوريات السوفييتية السابقة، إن المناقشات حتى الآن لم تكن حول مسودة اتفاق من أي نوع بل حول مجموعة من القضايا، مضيفًا أن الولايات المتحدة وأوكرانيا قررتا في جنيف تقسيم النقاط الـ28 إلى أربعة عناصر منفصلة، وتم إرسال نسخة من القرار إلى موسكو.
وأضاف بوتين: "بشكل عام، نتفق على أن هذا قد يكون أساسًا لاتفاقيات مستقبلية، ونرى أن الجانب الأمريكي يأخذ موقفنا في الاعتبار"، مشيرًا إلى أن بعض الأمور لا تزال بحاجة إلى مناقشة، مضيفًا أنه إذا أرادت أوروبا تعهدًا بعدم مهاجمتها، فإن روسيا مستعدة لتقديم هذا التعهد الرسمي، مع أنه أضاف أن التلميح إلى أن روسيا ستهاجم أوروبا "هراء محض".
وأشار بوتين إلى أن الخيار هو الحرب أو السلام، موضحًا خلطه بين التعبير العلني عن استعداده للتعاون مع إدارة ترامب بشأن خطة سلام محتملة لأوكرانيا وبين عدة تحذيرات من أن روسيا مستعدة للقتال إذا لزم الأمر والاستيلاء على المزيد من أوكرانيا.
أماكن سيطرة روسيا في أوكرانيا
تسيطر القوات الروسية على أكثر من 19% من أوكرانيا، أو 115.600 كيلومتر مربع، بزيادة نقطة مئوية واحدة عن العامين الماضيين، وتقدمت في عام 2025 بأسرع وتيرة منذ عام 2022، وفقًا للخرائط المؤيدة لأوكرانيا.
وأوضح بوتين أن روسيا قيل لها إنها يجب أن توقف القتال لكنها تحتاج إلى انسحاب قوات كييف قبل أن تتمكن من القيام بذلك،مضيفًا: "يجب على القوات الأوكرانية الانسحاب من الأراضي التي تسيطر عليها، وعندها سيتوقف القتال، وإذا لم تغادر، فسنحقق ذلك بالوسائل العسكرية، وهذا كل شيء".
وأضاف بوتين أنه يعتبر القيادة الأوكرانية غير شرعية وبالتالي من المستحيل قانونيًا التوقيع على اتفاق مع كييف، مؤكدًا أنه من المهم ضمان اعتراف المجتمع الدولي بأي اتفاق، وأن يعترف المجتمع الدولي بالمكاسب الروسية في أوكرانيا.
وقال: "لذلك، وبشكل عام، بطبيعة الحال، نريد في نهاية المطاف التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا، لكن في الوقت الحالي، هذا مستحيل عمليًا، مستحيل قانونيًا".
وأشار إلى أن شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014 ومنطقة دونباس الشرقية يجب أن تكون موضوع مناقشات مع الولايات المتحدة، منوهًا بأن المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف يخطط لزيارة موسكو مطلع الأسبوع المقبل، مضيفًا أن العقوبات الأمريكية على شركات النفط الروسية كانت غير متوقعة.
وفي تعليقه على تسريب تسجيل مكالمة بين كبار مستشاري ترامب وبوتين، رفض رئيس الكرملين التلميح إلى أن ويتكوف أظهر تحيزه لموسكو في محادثات السلام بشأن أوكرانيا، قائلًا: "سيكون من المدهش لو أنه أمطرنا بالشتائم، وكان وقحًا ثم جاء لتطوير العلاقات معنا".
روسيا تحاصر مدينة بوكروفسك الأوكرانية
في سياق متصل، قال الرئيس الروسي إن القوات الروسية حاصرت مدينة بوكروفسك الأوكرانية المحاصرة وتسيطر على 70% منها، لكن رئيس أركان الجيش الأوكراني قال إن أوكرانيا تدافع بقوة وإن القتال مستعر في وسط المدينة.
وتحاول موسكو السيطرة الكاملة على بوكروفسك، التي يطلق عليها الروس اسمها السوفييتي كراسنوارميسك، منذ منتصف عام 2024 كجزء من مساعيها للسيطرة على منطقة دونباس الصناعية الأوسع بأكملها.
وبدلاً من شن هجوم أمامي كامل على المدينة، التي كانت موطنًا لأكثر من 60 ألف شخص ومركزًا لوجستيًا مهمًا للجيش الأوكراني، استخدمت القوات الروسية حركة كماشة في محاولة لتطويقها بشكل متدرج مع التسلل في البداية في مجموعات هجومية صغيرة ثم أكبر.
وتقول موسكو إن السيطرة على بوكروفسك، التي وصفتها وسائل الإعلام الروسية بأنها بوابة دونيتسك، ستوفر لها منصة للتقدم شمالًا نحو المدينتين الأكبر المتبقيتين تحت السيطرة الأوكرانية في منطقة دونيتسك - كراماتورسك وسلوفيانسك.
إنهاء أعنف صراع أوروبي منذ الحرب العالمية الثانية
تأتي الضغوط على المدينة في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة التوسط في خطة سلام محتملة لإنهاء أعنف صراع أوروبي منذ الحرب العالمية الثانية، حيث يحرص الجانبان على إظهار أنهما يتمتعان باليد العليا في ساحة المعركة.
وقال بوتين في مؤتمر صحفي في قرغيزستان إن القوات الأوكرانية في بوكروفسك ومدينة ميرنوهراد المجاورة، التي يطلق عليها الروس اسم ديميتروف، تواجه مشكلة عميقة وأن أوكرانيا قد تواجه انهيار خط المواجهة في أماكن معينة.
وأضاف: "كراسنوارميسك (بوكروفسك) وديميتروف (ميرنوهراد) محاصران بالكامل"، مشيرًا إلى أن بعض القوات الأكثر جاهزية للقتال في كييف يتم تدميرها في هذه العملية، مشيرًا أن سبعين بالمئة من أراضي كراسنوارميسك تحت سيطرة القوات المسلحة الروسية، وأن جنوب مدينة ديميتروف تم عزل المجموعة المعادية، وهي منتشرة في جميع أنحاء المدينة، وقواتهم تتجه نحو تدميرها بشكل منهجي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في وقت سابق اليوم الخميس، إن وحداتها الهجومية تتقدم في وسط وشمال بوكروفسك، وأن قواتها تقدمت إلى الشرق والغرب والجنوب من ميرنوهراد.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض