لليوم الرابع على التوالي، تواصلت الاحتجاجات التي تعم إيران اعتراضاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، في الوقت الذي أفادت السلطات الإيرانية، اليوم الأربعاء، بتعرض مبنى حكومي في جنوب إيران للهجوم.
الاحتجاجات في إيران
ودخلت الاحتجاجات في إيران يومها الرابع على التوالي اعتراضاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يراها المواطنون لاسيما مع موازنة تقشفية لعام 2026 تضيف مزيداً من الضغط عليهم وترفع الضرائب رغم زيادة متواضعة للأجور.
هجوم على مبنى حكومي
في غضون ذلك، نقل موقع "ميزان" القضائي عن رئيس السلطة القضائية في مدينة فسا حامد أوستوفار اليوم، قوله: "تضررت البوابة الرئيسية لمبنى محافظ المدينة في هجوم نفذه عدد من الأفراد"، من دون تحديد ملابسات الهجوم أو الإشارة إلى الاحتجاجات.
وتقع فسا على بُعد 780 كيلومترا جنوب العاصمة طهران، حيث انطلقت حركة احتجاجية عفوية ضد غلاء المعيشة الأحد الماضي بين أصحاب المحلات التجارية، قبل أن تمتد إلى بعض الجامعات.
أزمة اقتصادية
وبدأت المظاهرات في إيران، يوم الأحد الماضي، في العديد من المقاطعات التجارية بطهران، الناتجة عن الأزمة الاقتصادية الجارية وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على الانهيار السريع للعملة.
وبحسب شهود عيان، اندلعت المظاهرات في مدن إيرانية رئيسية أخرى في اليوم الثاني، في الوقت الذي تعهد الرئيس مسعود بزشيكان بإجراء إصلاحات اقتصادية في رسالة مقتضبة وأعلن استعداده للدخول في حوار وهو ما تجاهله المتظاهرون.
تحذيرات للمتظاهرين
في غضون ذلك، حذر المدعي العام الإيراني، محمد كاظم موحدي آزاد، الأربعاء، بأن القضاء سيتصدى بصورة "حاسمة" للتظاهرات ضد غلاء المعيشة في حال تم استغلالها من أجل "زعزعة الاستقرار"، وذلك بعد يوم من استعداد الحكومة للحوار معهم.
وفي تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، قال موحدي آزاد: "من وجهة نظر السلطة القضائية، فإن التظاهرات السلمية حول كلفة المعيشة جزء من الواقع الاجتماعي الذي يمكن تفهمه"، محذراً في الوقت نفسه من أن "أية محاولة لتحويل الاحتجاجات الاقتصادية إلى أداة لزعزعة الاستقرار وتدمير أملاك عامة أو تنفيذ سيناريوهات أعدت في الخارج ستقابل حتما برد قانوني متناسب وحاسم".
واتسعت رقعة الاحتجاجات ضد غلاء المعيشة وتدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران مع انضمام طلاب جامعيين إلى التحرّك الذي بدأه التجار في العاصمة طهران، فيما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للإنصات إلى "المطالب المشروعة" للمتظاهرين.
مظاهرات في الجامعات
وفي اليوم الثالث لهذا الحراك العفوي، تظاهر طلاب الثلاثاء في عشر جامعات على الأقل في البلاد، في حين تقع سبع من هذه الجامعات في طهران، وتُعدّ من بين أعرق الجامعات في البلاد.
وتأثرت مؤسسات أخرى في أصفهان (وسط)، ويزد (وسط)، وزنجان (شمال غرب)، وفقا وكالة أنباء "إيلنا" المقربة من الأوساط العمالية، ووكالة أنباء "إرنا" الحكومية.
وانتشرت قوات الأمن وشرطة مكافحة الشغب عند التقاطعات الرئيسية في طهران وحول بعض الجامعات. وأُعيد أمس الثلاثاء فتح بعض المتاجر التي كانت قد أُغلقت في اليوم السابق في وسط المدينة.
تدهور قيمة العملة الإيرانية
والاثنين الماضي، أغلق أصحاب متاجر، محلاتهم احتجاجاً على التدهور الاقتصادي الذي تفاقم بسبب الانخفاض السريع في قيمة العملة الوطنية في ظل العقوبات الغربية على إيران.
يأتي ذلك بعدما انطلق التحرّك العفوي في أكبر أسواق الهواتف المحمولة في طهران، قبل أن يتسع نطاقه. إلا أن عدد المتظاهرين لا يزال محدودا ومحصورا ضمن نطاق وسط طهران، حيث يوجد عدد كبير من المتاجر. وبحسب مراسلي وكالة فرانس برس، استمرت غالبية المتاجر في باقي أنحاء المدينة بالعمل.
مطالب مشروعة
كتب الرئيس مسعود بزشكيان عبر منصة إكس أنه طلب "من وزير الداخلية الاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من التصرف بمسؤولية وبكل ما أوتيت من قوة لحل المشاكل والاستجابة لها"، بحسب وكالة "إرنا".
وبحسب وكالة "مهر"، التقى بزشكيان الثلاثاء مسؤولين نقابيين واقترح عددا من الإجراءات الضريبية يُفترض أن تساعد الشركات لمدة عام.
غير أن موجة السخط الحالية إزاء غلاء المعيشة لا تزال في هذه المرحلة أضيق بكثير مقارنة بالاحتجاجات الواسعة التي هزّت إيران أواخر عام 2022 عقب وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني أثناء احتجازها. وكانت وفاتها بعد اعتقالها على يد شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قواعد اللباس الصارمة في إيران، أثارت موجة غضب عارمة.
وشهدت تلك الاحتجاجات مقتل مئات الأشخاص، بينهم عشرات من أفراد قوات الأمن.
احتجاجات 2019
وفي عام 2019، اندلعت احتجاجات في إيران عقب الإعلان عن زيادة حادة في أسعار البنزين. وامتدت المظاهرات إلى نحو مئة مدينة، من بينها طهران، وأسفرت عن عشرات القتلى.
وحذر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف من خطر استغلال التظاهرات لبث "الفوضى والاضطرابات"، إذ إن طهران اتهمت في السنوات الأخيرة قوى أجنبية بتأجيج الاحتجاجات التي شهدتها.
وأفادت وسائل إعلام رسمية الثلاثاء بإغلاق المدارس والبنوك والمؤسسات العامة في طهران ومعظم أنحاء البلاد الأربعاء، وذلك بقرار من السلطات بسبب برودة الطقس وترشيد استهلاك الطاقة، من دون ربط ذلك بالاحتجاجات.
العقوبات الغربية
ويواجه الاقتصاد الإيراني صعوبات جراء عقود من العقوبات الغربية. وبات أكثر هشاشة منذ أعادت الأمم المتحدة فرض العقوبات الدولية على طهران في نهاية سبتمبر، بعدما كانت قد رُفعت قبل سنوات في إطار الاتفاق النووي الذي أُبرم بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا).
وفي هذا السياق، سجّل الريال مستوى قياسيا جديدا مقابل الدولار، الأحد، وفقا لسعر السوق السوداء غير الرسمي، حيث بلغ سعر الدولار الواحد أكثر من 1,4 مليون ريال (مقارنة بـ820 ألف ريال قبل عام).
ويتسبب الانخفاض المستمر في قيمة العملة بتضخّم مفرط وتقلّبات عالية في الأسعار، حيث ترتفع بعض الأسعار بشكل حاد من يوم لآخر.
ويشلّ الوضع مبيعات بعض السلع المستوردة، إذ يفضّل البائعون والمستهلكون على السواء تأجيل جميع المعاملات حتى ينجلي الوضع.
ونقلت صحيفة "اعتماد" عن أحد المتظاهرين قوله، الثلاثاء، "لم يدعمنا أي مسؤول (سياسي) أو يسعَ لفهم كيف يؤثر سعر صرف الدولار على حياتنا".
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض