100 مليار يورو على المحك.. باريس وبرلين تسعيان لإنقاذ مشروع المقاتلة الأوروبية من الجمود الصناعي


الجريدة العقارية الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 | 07:19 مساءً
مشروع المقاتلة الأوروبية
مشروع المقاتلة الأوروبية
محمد شوشة

تكثف كل من فرنسا وألمانيا ضغوطها على شركات الدفاع الكبرى لإنقاذ مشروع المقاتلة الأوروبية من الجيل القادم، مع اقتراب البرنامج الذي تبلغ تكلفته 100 مليار يورو أي ما يعادل 115 مليار دولار من حافة الانهيار، بعد سنوات من النزاعات والتأخيرات.

ويعد نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS)، الذي أُطلق قبل أكثر من ثماني سنوات، غارقًا في صراعات بين شركة داسو الفرنسية للطيران وشركة إيرباص الألمانية، حول تقاسم العمل والتكنولوجيا الحيوية للمشروع، ما يهدد استكمال تصميم الطائرة المقاتلة المستقبلية التي تعتبر حجر الزاوية في استراتيجية الدفاع الأوروبية.

محاولات إنقاذ مشروع المقاتلة الأوروبية من الجمود الصناعي

قالت مصادر مطلعة إن برلين وضعت خريطة طريق للقرار، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول منتصف ديسمبر، وذلك بعد محادثات رفيعة المستوى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرز، الأسبوع الماضي، وفقًا لرويترز .

وتشير الوثيقة، إلى أن الرؤساء التنفيذيين للشركاء الصناعيين مطالبون بتوقيع اتفاق مكتوب حول المبادئ الأساسية للتعاون في المرحلة التالية من البرنامج، كما تشمل مطالبة قادة القوات الجوية بمراجعة متطلباتهم الخاصة، لضمان السيطرة السياسية على المشروع.

وأكد مصدر حكومي أن الهدف من خريطة الطريق هو إنهاء الجمود الصناعي المتفاقم منذ سنوات.

المرحلة القادمة من مشروع المقاتلة الأوروبية

تركز المرحلة التالية على تطوير طائرة مقاتلة متقدمة مصحوبة بطائرات بدون طيار، لتسليمها إلى فرنسا وألمانيا وإسبانيا بحلول عام 2040، ضمن المبادرة الأوروبية المشتركة المشابهة لمشروع GCAP الذي يضم المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان.

وتعثرت المحادثات بسبب انعدام الثقة بين داسو، المسؤولة عن تطوير طائرة الرافال، وإيرباص التي تمثل ألمانيا وإسبانيا، وتصر داسو على قيادة تصميم الطائرة المقاتلة الأساسية، مشيرةً إلى خبرتها الطويلة في بناء المقاتلات من البداية للنهاية، بينما تسمح لإيرباص بقيادة أقسامها غير المأهولة في المشروع، فيما ترى إيرباص أن هذا الترتيب يتعارض مع الاتفاقيات التي تمنح كل دولة حق التصويت المتساوي في المشروع.

وقد صعدت كل من الشركتين من لهجتهما، مع التهديد بالمضي قدمًا منفردتين إذا لم يتم الالتزام بالترتيبات المتفق عليها.

وأفادت مصادر ألمانية أن داسو تسعى للسيطرة على 80% من المشروع، وهو ما نفته الشركة، بينما تحرص باريس على الحفاظ على توازن القوة مع إيرباص، التي كانت تملك 50% قبل دخول إسبانيا، وتشتبه في محاولات برلين لإضعاف التفوق التكنولوجي الفرنسي.

العلاقة السياسية الوثيقة بين باريس وبرلين

يقول دوجلاس باري، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لشؤون المجال الجوي العسكري، إن العلاقة السياسية الوثيقة بين باريس وبرلين تراجعت مؤخرًا، مما أطلق العنان للتنافس الصناعي بين الشركتين.

وحذر الخبراء من أن الفشل في حل الجمود قد يكشف عن ضعف أوروبا في تطوير نظام دفاعي متكامل، في وقت تعود فيه الصراعات العسكرية إلى القارة.

وبعد أسابيع من الاضطرابات السياسية في باريس، تسعى العاصمتان لتعزيز جهودهما لتجنب ضرب التعاون الفرنسي الألماني في مجال الصناعات الدفاعية، لكن الشكوك لا تزال قائمة حول قدرة ماكرون، الذي يقترب من نهاية ولايته ويواجه أزمات سياسية، على إجبار داسو على تقديم تنازلات.

ويواجه المصنع الفرنسي ضغوطًا أقل بفضل قوة صادراته من طائرات الرافال، وربما يسعى لكسب الوقت قبل انتخابات 2027.

خيارات بديلة وخطة ب

في الوقت نفسه، يتم دراسة خيارات بديلة لتكرار سيناريو الانقسام الذي شهد انسحاب فرنسا من مشروع يوروفايتر في عام 1985، مما ترك الشركات المصنعة للتنافس بمفردها، وتعد داسو حجر الزاوية في الدفاع الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية، حيث قامت بتصميم وبناء جميع أجيال الطائرات النفاثة التي تحمل الرادع النووي الفرنسي، وتمتلك القدرة على الاستمرار بمفردها إذا لزم الأمر.

وأفاد أشخاص مطلعون على الخطط أن الخيارات تشمل تطوير مقاتلة شبح مستقلة، أو التعاون مع شركة ساب السويدية، أو الاستعانة بـBAE Systems البريطانية، وتواصل إيرباص اتصالاتها على مستوى الرؤساء التنفيذيين لضمان متابعة المسار مع كلا الطرفين.

ويروج بعض المخططين لحل وسط يتمثل في اقتصار نطاق نظام FCAS على سحابة قتالية آمنة للاتصال، مع السماح لكل من داسو وإيرباص بتطوير طائرات منفصلة، وهو ما يُعد نوعًا من الطلاق الجزئي للحفاظ على ماء الوجه بين باريس وبرلين وتجنب الصدام العلني.

تحديات تمويلية وتقنية

يشكك الفرنسيون في قدرة ألمانيا على تطوير مقاتلة شبح أو محرك متقدم بمفردها، كما أن التحديات التمويلية تفرض قيودًا على قدرة باريس على الانفراد بالمشروع رغم سجلها الحافل في مشاريع الاستقلالية الدفاعية. 

ووفق مصادر فرنسية، فإن فرص إنتاج مقاتلة مشتركة قبل جهود برلين الأخيرة كانت أقل من 50%، ما يسلط الضوء على حدة الأزمة.

الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني
مشروع المقاتلة الأوروبية