طفرة غير مسبوقة في تأجير الذهب عالميًا… كيف تحول المعدن الأصفر إلى أصل مُدرّ للدخل للمستثمرين الأثرياء؟


الجريدة العقارية الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 | 10:20 صباحاً
طفرة غير مسبوقة في تأجير الذهب عالميًا
طفرة غير مسبوقة في تأجير الذهب عالميًا
وكالات

شهدت أسواق الذهب العالمية تحولًا لافتًا هذا العام، بعدما كسرت الأسعار أرقامًا قياسية جديدة، ما دفع عددًا متزايدًا من المستثمرين الأثرياء والمكاتب العائلية إلى تحرير سبائكهم المكدسة في الخزائن، وتحويلها إلى مصدر دخل ثابت عبر تأجيرها للمصافي وصائغي المجوهرات والمصنّعين.

هذا الاتجاه، الذي يتسع بوتيرة سريعة، يعيد رسم صورة الذهب التقليدية باعتباره أصلًا جامدًا لا يدرّ عائدًا.

ارتفاع في الطلب على تأجير السبائك… ومستثمرون يغيّرون استراتيجياتهم

يقول غوراف ماثور، مؤسس شركة «سيف جولد»، إن شركته تلقت خلال الأشهر الأخيرة موجة غير مسبوقة من الاستفسارات من مستثمرين يمتلكون سبائك تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، ويسعون الآن إلى الاستفادة منها بدلًا من تركها حبيسة الخزائن.

ويضيف أن حجم عقود التأجير التي مرت عبر الشركة قفز من مليوني دولار إلى 40 مليون دولار منذ بداية العام، ما يعكس تحوّلًا واضحًا في عقلية المستثمرين تجاه الذهب.

ويبدو أن فكرة الانتظار لبلوغ أسعار الذهب مستوى 5000 دولار لم تعد تمثل استراتيجية رابحة، إذ يبحث المستثمرون اليوم عن عوائد مباشرة، حتى مع احتفاظهم بالذهب بغضّ النظر عن تحركات السعر.

كيف يحقق المستثمرون دخلاً من السبائك؟

يوفر سوق تأجير الذهب عوائد للمستثمرين عبر ما يُعرف بـ “أقساط الإيجار”، وهي أشبه بفائدة تُدفع على كميات الذهب المُعارة للصنّاع والمصافي.

وتقدم «سيف جولد» في الوقت الحالي عوائد تتراوح بين 2% على العقود المضمونة و4% على غير المضمونة، بعدما لامست النسب 3% و5% في وقت سابق من العام.

كيث وينر، الرئيس التنفيذي لشركة «مونتاري ميتالز» في أريزونا، يشير إلى أن المستثمرين باتوا يفكرون بشكل مختلف: امتلاك الذهب أصبح هدفًا بحد ذاته، لكن الأهم هو كيفية الاستفادة منه بشكل مستمر، وليس انتظار قفزات سعرية غير مضمونة.

رجال الأعمال يزيدون رهاناتهم على الذهب… واستغلاله بدلًا من تخزينه

من بين هؤلاء المستثمرين جوزيف، رائد أعمال أمريكي، ضاعف حجم الذهب الذي يستأجره خلال العام الماضي، مستفيدًا من ارتفاع الأسعار، ليحقق عائدًا يقارب 3.8% سنويًا.

ويرى أن “الرهان الأكثر يقينًا” يتمثل في انخفاض قيمة العملات، مشيرًا إلى أن البنوك المركزية حول العالم تراكم الذهب بمعدلات غير مسبوقة، في ظل تفاقم الديون العالمية.

بالنسبة له، فإن تراكم الذهب واتخاذه كمصدر دخل أصبح الخيار الأكثر أمانًا ووضوحًا.

لماذا يلجأ الصناع والمصافي إلى تأجير الذهب؟

بالنسبة لصائغي المجوهرات والمصانع، يمثّل الذهب المادة الأساسية للإنتاج اليومي، لكن امتلاكه عبر قروض مصرفية يعرّضهم لمخاطر تقلب الأسعار.

أما من خلال عقود التأجير، فإن المصنع يحصل على الذهب دون الحاجة إلى اقتراض أموال أو تحمل مخاطر تغير السعر أثناء التصنيع.

ويقوم المقترض لاحقًا بدفع رسوم الإيجار، ثم إعادة نفس الكمية من الذهب، أو تمديد العقد حسب الحاجة.

ويد برينان، الرئيس التنفيذي لشركة «كيلو كابيتال»، يوضح أن تأجير الذهب يوفر للمصنعين تمويلًا مباشرًا ويُسقط عنهم عبء التحوط المعقد في حال الشراء عبر القروض البنكية، مؤكدًا أن معظم رواد الأعمال ليست لديهم خبرة كافية في التعامل مع العقود الآجلة.

مخاطر مقابل فرص… ما الذي يواجه المقترضين؟

رغم جاذبية النظام، إلا أن تأجير الذهب يحمل مخاطر، أهمها مخاطر الطرف المقابل، أي قدرة المقترض على إعادة الذهب في موعده.

فعند انتهاء مدة الإيجار، يجب على المقترض شراء الكمية نفسها بسعر السوق، ما يعني أن ارتفاع السعر يزيد تكلفة السداد.

لكن في المقابل، يستفيد المصنعون من التخلص الكامل من تقلبات الأسعار خلال فترة الإنتاج، سواء كانوا من صناع المجوهرات أو الشركات التقنية التي تستخدم الذهب في تطبيقات حساسة.

برينان يوضح أن المصنع الذي يستأجر الذهب “لا يكترث” بارتفاع الأسعار أو انخفاضها، طالما أن التزامه الأساسي هو إعادة الكمية نفسها، وليس القيمة النقدية.