أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية العراقية، التي أُجريت يوم أمس الثلاثاء، تقدم الائتلاف الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حسبما أكد مسؤولان في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لوكالة "رويترز".
النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية العراقية
أشارت المصادر إلى أن تحالف "الإعمار والتنمية" بزعامة السوداني تصدر النتائج في عدد من المحافظات الكبرى، بينها بغداد والنجف وكربلاء وبابل، محققًا ما يقارب 50 مقعدًا أو أكثر، ليكون بذلك الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان الجديد الذي يضم 329 عضوًا.
وتُعد هذه النتائج خطوة مهمة نحو ترسيخ موقع السوداني في المشهد السياسي العراقي وتمهيدًا لفترة ولاية ثانية، بعد نحو ثلاث سنوات من توليه رئاسة الحكومة بدعم من تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم أحزابًا وفصائل شيعية مقربة من إيران.
وأكدت مصادر داخل المفوضية أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 56.11%، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالانتخابات السابقة عام 2021 التي سجلت أدنى نسبة إقبال في تاريخ البلاد 41%، ما يعكس اهتمامًا شعبيًا أكبر رغم حالة الإحباط السائدة بين الناخبين الشباب.
وشهدت العملية الانتخابية مشاركة مكثفة من فئات مختلفة من الناخبين، فيما قاطعها التيار الصدري، أحد أبرز القوى السياسية الشيعية في البلاد، واعتبرها انتخابات فاسدة، وهو ما سيؤثر على توازنات البرلمان القادم ويمنح مساحة أوسع لتحالفات جديدة قد تعيد رسم المشهد السياسي.
وأكد رئيس الوزراء، عقب الإدلاء بصوته في أحد مراكز الاقتراع في بغداد، أن الانتخابات تجسد مبدأ التداول السلمي للسلطة في ظل النظام السياسي الجديد في العراق، مشيرًا إلى أن حكومته المقبلة – إذا ما كُلّف بتشكيلها – ستركز على تحقيق الاستقرار، ومكافحة الفساد، وتحسين مستوى الخدمات العامة، واستعادة الثقة بين الدولة والمواطن.
نتائج الانتخابات العراقية
من المتوقع أن تعلن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية خلال الساعات القادمة، على أن تُصدر النتائج النهائية بعد استكمال عمليات الفرز والنظر في الطعون والشكاوى الانتخابية. وتشير مصادر مطلعة إلى أن عملية الفرز تسير بوتيرة سريعة، وأن النتائج لن تتأخر كثيرًا عن الجدول الزمني المعلن.
وتفتح هذه النتائج الباب أمام مفاوضات معقدة بين القوى السياسية المختلفة لتشكيل الحكومة المقبلة، إذ لا يمكن لأي حزب أو تحالف بمفرده أن يشكل الحكومة في ظل تركيبة البرلمان الموزعة على كتل متعددة، ويُلزم الدستور العراقي البرلمان بتسمية رئيس للجمهورية، والذي يقوم بدوره بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر لتشكيل الحكومة، وهي العملية التي عادة ما تستغرق عدة أشهر من التفاوض.
رئاسة الوزراء في العراق
تخضع رئاسة الوزراء في العراق للأغلبية الشيعية وفق الأعراف السياسية المتبعة منذ عام 2003، فيما تؤول رئاسة مجلس النواب إلى ممثل عن القوى السنية، ويُسند منصب رئيس الجمهورية – وهو رمزي إلى حد كبير – إلى أحد القيادات الكردية.
ويرى مراقبون أن فوز السوداني سيعزز موقعه كقوة سياسية محورية قادرة على قيادة مرحلة جديدة في العراق، لكن التحديات المقبلة ستكون كبيرة، خاصة على صعيد بناء التوافقات الداخلية بين الأحزاب المتنافسة، وضبط العلاقة بين الدولة والفصائل المسلحة، وتحقيق التوازن بين النفوذين الأميركي والإيراني في البلاد.
ويأتي هذا الاستحقاق الانتخابي في ظل سياق إقليمي معقد، حيث تسعى الحكومة العراقية إلى الحفاظ على الحياد في ظل التوترات بين طهران وواشنطن، واحتواء أي انعكاسات للأحداث الإقليمية، خصوصًا الحرب في غزة، على الداخل العراقي.
ورغم حالة الإحباط التي تسود شريحة واسعة من الشباب العراقي بسبب تفشي الفساد وضعف الخدمات وارتفاع البطالة، فإن الانتخابات الحالية أفرزت أيضًا مشاركة عدد من المرشحين المستقلين والشباب الذين يسعون إلى كسر احتكار الأحزاب التقليدية للسلطة، لكن فرصهم في تحقيق اختراق واسع لا تزال محدودة أمام هيمنة القوى السياسية الكبرى.
وبحسب محللين سياسيين، فإن الانتخابات الحالية قد لا تؤدي إلى تغييرات جذرية في تركيبة النظام السياسي، لكنها قد تفتح الباب أمام تحالفات جديدة داخل البرلمان، وربما تمنح السوداني مساحة أوسع لتعزيز موقعه، خاصة إذا تمكن من جمع تأييد الكتل المعتدلة السنية والكردية.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض