الدولار الأمريكي يقفز لأعلى مستوى في 3 أشهر مع تراجع رهانات خفض الفائدة

سجل الدولار الأمريكي أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر اليوم الثلاثاء، مع دفع الانقسام داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي المتعاملين إلى مراجعة توقعاتهم بشأن أسعار الفائدة الأمريكية، فيما هبط الجنيه الإسترليني بعد أن أشارت وزيرة المالية البريطانية إلى خيارات صعبة في ميزانيتها المقبلة، في ظل مستويات ديون مرتفعة وإنتاجية منخفضة وتضخم مستمر.

كانت معنويات السوق اليوم الثلاثاء أكثر قتامة بشكل ملحوظ، مع انخفاض الأسهم وجذب السندات الحكومية للطلب، بينما ظلت العملات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري قوية، وسط حالة من الترقب الحذر لدى المستثمرين.

الدولار الأمريكي

واصل مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي تقديم وجهات نظر متضاربة بشأن موقف الاقتصاد والمخاطر المحتملة، في ظل غياب البيانات الاقتصادية الرسمية بسبب الإغلاق الحكومي في واشنطن.

وكان البنك المركزي الأمريكي قد خفض أسعار الفائدة الأسبوع الماضي كما كان متوقعًا، بينما أشار رئيسه جيروم باول إلى أن خفضًا آخر في ديسمبر ليس واردًا في الوقت الحالي.

ووفقًا لبيانات CME FedWatch، تُقدر الآن احتمالية خفض الفائدة في ديسمبر بنسبة 65% مقارنةً بنسبة 94% قبل أسبوع.

وأدى هذا التحول في التوقعات على المدى القريب إلى تعزيز الدولار الأمريكي، حيث تجاوز مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية، مستوى 100 لأول مرة منذ أغسطس الماضي، وكان آخر مستوى له عند 99.822.

هبوط الجنيه الإسترليني مقابل الدولار واليورو

انخفض الجنيه الإسترليني بنحو 0.61% ليصل إلى 1.3057 دولار، بعد أن أوضحت وزيرة المالية البريطانية الخلفية الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد، مشيرة إلى مستويات الديون المرتفعة وانخفاض الإنتاجية والتضخم العنيد.

وقال مايكل براون، كبير استراتيجيي الأبحاث في بيبرستون: "يتم تسعير الجنيه الإسترليني عند مستويات أقل على خلفية ما سيكون بمثابة جولة أخرى من الرياح المعاكسة القوية للنمو الاقتصادي".

كما ارتفع اليورو مقابل الجنيه الإسترليني بنسبة 0.3% ليصل إلى 87.98 بنسًا، بينما انخفض مقابل الدولار بنسبة 0.2% عند 1.149 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاثة أشهر تقريبًا.

وانخفض الدولار الأسترالي بنسبة 0.7% إلى 0.6495 دولار أمريكي، بعد أن أبقى بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة النقدية مستقرة عند 3.60%، محذرًا من احتمالية المزيد من التيسير النقدي إذا استمرت الضغوط الاقتصادية.

استمرار غياب البيانات الرسمية وتأثيرها على السوق

مع توقف إصدار البيانات الحكومية بسبب الإغلاق، يراقب المستثمرون التقارير غير الرسمية، بما في ذلك بيانات ADP الخاصة بالعمالة في القطاع الخاص، والتي تلقي الضوء على حالة سوق العمل في غياب الأرقام الرسمية.

وأظهرت دراسة استقصائية للمصنعين أجراها معهد إدارة التوريد، يوم أمس الإثنين، صورة قاتمة لقطاع التصنيع الأمريكي، حيث استمر انكماش القطاع للشهر الثامن على التوالي في أكتوبر، مع ضعف الطلبات الجديدة، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق.

تحركات الين الياباني وسط حذر الحكومة

شكلت ملاحظات باول التحذيرية بشأن خفض الفائدة في ديسمبر بمثابة دعم للين الياباني، الذي ارتفع يوم الثلاثاء ليصل الدولار مقابل الين إلى 153.56 ين، بعد أن سجل أعلى مستوى في ثمانية أشهر ونصف في وقت سابق من الجلسة.

ودفع هذا الارتفاع وزير المالية الياباني ساتسوكي كاتاياما إلى التأكيد على متابعة الحكومة لتحركات العملات الأجنبية عن كثب، مع اقتراب الين من مستويات سبق أن تدخلت عندها السلطات اليابانية لدعمه في 2022 و2024.

ويشير المحللون إلى أن تدخل اليابان سيكون حذرًا، نظرًا للضغوط الدولية والعلاقات مع الإدارة الأمريكية، خاصة بعد انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكومات التي تسمح بضعف عملاتها لتعزيز ميزتها التجارية.

وقالت جين فولي، رئيسة استراتيجية العملة في رابوبانك: "وزارة المالية اليابانية أكثر حرصًا من أي وزارة مالية أخرى في مجموعة السبع بشأن العملة، وتحرص الإدارة اليابانية الجديدة على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، ولن ترغب في إفساد هذه العلاقة من خلال سياسة عملة ضعيفة".