في مشهد يختزل القلق العالمي والترقب الحذر، تتجه الأنظار اليوم نحو العاصمة الأمريكية واشنطن حيث يعقد البنك الفيدرالي الأمريكي اجتماعًا مصيريًا لوضع حد لمسار أسعار الفائدة على الدولار، في خطوة توصف بأنها الأكثر حساسية وتأثيرًا على الاقتصاد الدولي خلال عام 2025.
القرار المرتقب لا يمس الاقتصاد الأمريكي فحسب، بل ينعكس على حركة رؤوس الأموال وأسواق الصرف والطاقة حول العالم.
ترقب عالمي وخيارات محدودة
تشير المؤشرات الأولية والتقارير الاقتصادية الدولية إلى أن الفيدرالي الأمريكي قد يتجه نحو خفض سعر الفائدة، رغم التحذيرات من أن مثل هذا القرار قد يؤدي إلى تذبذبات حادة في سعر الدولار مقابل العملات العالمية الرئيسية.
ويرى خبراء أن الأسواق لم تستعد بعد لمثل هذا التحول، خاصة في ظل حالة عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد الأمريكي.
فبينما يسعى الفيدرالي إلى تحفيز النمو وتجنب الركود، يواجه في الوقت ذاته تحديات متزايدة من ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النشاط الإنتاجي.
هذه المعادلة المعقدة تجعل من قرار اليوم اختبارًا حقيقيًا لقدرة البنك على الموازنة بين استقرار الأسعار ودعم الاقتصاد.
اجتماع حاسم قبل نهاية 2025
ويعد هذا الاجتماع واحدًا من أهم اجتماعات لجنة السياسة النقدية خلال العام، إذ يأتي قبل الجلسة الختامية المقررة يومي 9 و10 ديسمبر 2025، والتي ستحدد ملامح السياسة النقدية لعام 2026.
وتشير التوقعات إلى أن الفيدرالي قد يتجه لاعتماد نهج أكثر مرونة في تعاملاته المستقبلية لتفادي ركود عالمي محتمل، في ظل تباطؤ النمو في أوروبا وآسيا وتراجع الطلب العالمي على الطاقة.
الاقتصاد الأمريكي أمام مفترق طرق
ويرى مراقبون أن الفيدرالي الأمريكي يقف الآن أمام أحد أخطر قراراته في التاريخ الحديث، إذ إن خفض الفائدة قد يمنح دفعة مؤقتة للنشاط الاقتصادي، لكنه في الوقت ذاته قد يشعل تقلبات كبيرة في أسعار الذهب والنفط والعملات.
كما أن استمرار الضغوط التضخمية قد يضعف الثقة في جاذبية الدولار كعملة احتياط عالمية، ويفتح الباب أمام صعود بدائل نقدية جديدة تقودها الاقتصادات الآسيوية الصاعدة مثل الصين والهند.
العالم يحبس أنفاسه
في ضوء كل هذه المعطيات، يترقب العالم اليوم ما يمكن أن يوصف بـ اللحظة الفاصلة في مسار السياسة النقدية العالمية.
فقرار الفيدرالي لن يكون مجرد تعديل رقمي في سعر الفائدة، بل تحولًا اقتصاديًا واسع التأثير سيمتد أثره إلى الأسواق الناشئة، والبورصات العالمية، وأسعار الطاقة والمعادن، والاستثمارات العابرة للحدود.
ويبقى السؤال الأبرز: هل يغامر الفيدرالي بخفض الفائدة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي؟ أم يختار التشدد في سبيل السيطرة على التضخم ولو على حساب النمو؟ .. الإجابة ستحدد إلى أين تتجه بوصلات المال في العالم خلال السنوات القادمة.
تأثير قرار الفيدرالي على أسعار الذهب
من جانب آخر، ينتظر سوق الذهب العالمي قرار الفيدرالي الأمريكي بترقب كبير، إذ يُعد المعدن الأصفر من أكثر الأصول حساسية تجاه تغيّرات أسعار الفائدة والدولار.
ففي حال اتجه البنك إلى خفض الفائدة، يُتوقع أن يرتفع سعر الذهب عالميًا مدفوعًا بتراجع عوائد السندات الأمريكية وضعف الدولار، مما يزيد من جاذبية المعدن كملاذ آمن للمستثمرين في فترات التذبذب المالي.
أما إذا قرر الفيدرالي تثبيت الفائدة أو رفعها مجددًا، فقد يشهد الذهب موجة تصحيح هبوطية مؤقتة نتيجة عودة الثقة إلى العملة الأمريكية وارتفاع تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب.
ويرى محللون أن الفترة المقبلة قد تشهد تقلبات حادة في الأسعار، خاصة في ظل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، ما يجعل الذهب بوصلة المستثمرين الأساسية لتقييم المخاطر في الأسواق الدولية.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض