كشف تقرير حديث لبلومبرج إيكونوميكس الذارع البحثية لوكالة بلومبرج الأمريكية عن أنه من المتوقع أن تساعد أربعة عوامل فى تعافى الاقتصاد المصرى فى عام 2018، حيث توقع التقرير تراجع معدلات التضخم إلى حوالى 15٪ خلال 2018، إضافة إلى اتجاه البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة بنحو 500 نقطة أساس أى ما يعادل 5٪ خلال العام الجارى، وتوقع التقرير ارتفاع إيرادات السياحة وتحول مصر بنهاية العام إلى الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى والبدء فى عملية التصدير مطلع 2019.
وقال زياد داود كبير الخبراء الاقتصاديين لشئون الشرق الأوسط لدى بلومبرغ إيكونوميكس إن اقتصاد مصر تعرض للتراجع بعد ثورة عام 2011، مع تراجع النمو السنوى إلى 3.1٪ خلال الفترة ما بين 2011-2016 مقارنة بمعدل 6.2٪ خلال الفترة 2005 2010، وبما أن معظم تعديلات صندوق النقد الدولى قد حدثت بالفعل، فإننا نتوقع أن يستعيد النمو انتعاشه هذا العام.
وتتوقع «بلومبرج إكونوميكس» فى تقريرها الحديث أن تساعد أربعة من العوامل الاقتصادية الحاسمة الاقتصاد المصرى على النمو خلال الفترة المقبلة بدءا من خفض معدلات التضخم وتراجع أسعار الفائدة إضافة إلى الانتعاشة القوية المتوقعة فى إيرادات السياحة، وأخيرا إنتاج مصر من الغاز الطبيعى.
وتفصيلا يتوقع تقرير بلومبرج إيكونوميكس أن ينخفض التضخم تدريجياً فى مصر ليصل إلى معدل 15 ٪ فى 2018/ 2019، و هو ما يعد ضمن نطاق هدف البنك المركزى الذى يتراوح بين 10 و 16٪. ويرجع ذلك إلى انسحاب انخفاض أسعار الصرف وإدخال ضريبة القيمة المضافة من العمليات الحسابية لفترة 2018/2019 وانتهاء تاثيراتها.
وعن انخفاض أسعار الفائدة يقول التقرير أنه مع اعتدال معدل التضخم، من المتوقع أن يخفف البنك المركزى بعض قيوده على السيولة النقدية، وتتوقع «بلومبرغ إكونوميكس» أن تنخفض المعدلات من 400 إلى 500 نقطة أساس خلال عام 2018، وهذا من شأنه أن يعزز النمو من خلال التوسع السريع فى الاستهلاك والاستثمار.
وفى قطاع السياحة وانتعاش الإيرادات، يوضح التقرير ارتفاع عدد السائحین فى مصر إلی نحو 78000 سائح فى الأشھر الأربعة الأولی من السنة المالیة الحالیة، مقارنة بحوالى 550000 سائح شھرياً فى الفترة 2016/2017، وبينما يبدو أن السياح يقيمون لفترة أطول - فقد تضاعف متوسط عدد ليالى إقامتهم إلى 12 ليلة فى الفترة من يوليو/أكتوبر 2017 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.
وأضاف التقرير أن هذا جزئيا يأتى بسبب تحسين الوضع الأمنى الذى دفع العديد من الدول إلى استئناف رحلاتها إلى مصر أو إعلان نياتها للقيام بذلك، إضافة إلى انخفاض قيمة العملة المحلية وهو الذى منح السياحة المصرية ميزة تنافسية جديدة.
وعن إنتاج الغاز الجديد، يقول تقرير بلومبرج إيكونوميكس إن مصر بدأت إنتاجها من حقل ظهر للغاز العملاق. ومن المتوقع أن يصل حجم الإنتاج إلى 1.7 مليار قدم مكعب يومياً بحلول يونيو 2018 قبل أن يرتفع إلى 2.7 مليار قدم مكعب يومياً بحلول نهاية عام 2019. وهذا قد يجعل مصر مكتفية ذاتياً فى الغاز، بل وربما يساعد البلاد على تصديره فى المستقبل.
وأضاف تقرير بلومبرج إيكونوميكس «يبدو المشهد المصرى إيجابياً على المدى القصير، ومع ذلك، فإن معظم العوامل التى تقف وراء الانتعاش المتوقع مؤقتة، وستحتاج مصر إلى إيجاد حوافز جديدة للنمو خلال الفترة المقبلة، وذلك للحفاظ على تحقيق معدلات النمو المستدام المرجوة التى تستهدفها البلاد بعد الطفرات الأخيرة التى حققها النمو الاقتصادى مقتربا من معدلات النمو المحققة قبل 2010.
وعن عملية تحرير أسعار الصرف، قالت بلومبرج فى تقرير منفضل أن عملية التعويم فى إفريقيا لم تنته ومن بين أربعة تجارب قامت بها دول إفريقية هى مصر وأنجولا والمغرب ونيجيريا، والتى جاءت جميعها تحريرا جزئيا باستثناء التجرية المصرية، حيث جاءت تلك التجربة الأكثر نجاحا فى إفريقيا.
وأشار تقرير بلومبرج إلى أن مصر يجب عليها الاستمرار فى برنامج الإصلاح وتقديم المزيد من الإصلاحات للحفاظ على المكاسب التى حققتها عقب قرار التعويم بعد تجاوز الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المصرية حاجز الـ 20 مليار دولار منذ قرار التعويم.
وأضافت بلومبرج نقلا عن رازيا خان كبير الاقتصاديين فى إفريقيا فى ستاندرد تشارترد أن قرار التعويم كان قرارا قويا وافاد الاقتصاد المصرى كثيرا، وعلى السلطات المضى فى وتيرة الإصلاح المالى ومتابعة أسواق رأس المال لاتخاذ قرارات مناسبة وفقا لاحتياجات الأسواق، وتوقع تقرير بلومبرج أن يشهد الجنيه المصرى ارتفاعا مقابل الدولار خلال العام الجارى 2018 بنحو 1.6٪ ليصل إلى مستويات 17.4 جنيه بنهاية العام.
وعن ارتفاع الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزى، قالت وكالة بلومبرج فى تقرير جديد أن احتياطيات مصر من العملات الأجنبية ارتفعت إلى رقما قياسيا فى يناير الماضى، يأتى ذلك فى الوقت الذى تستعد الحكومة المصرية للعودة لسوق السندات الدولية من خلال طرح تبلغ قيمته حوالى 5 مليارات دولار.
وأشار تقرير بلومبرج أن الاحتياطيات الأجنبية قفزت 1.2 مليار دولار، والتى تعد أكبر زيادة منذ يوليو الماضى لتصل إلى 38.2 مليار دولار، وفقا لما أظهرته بيانات البنك المركزى، وأضاف التقرير إن تدفقات العملات الأجنبية إلى البنك المركزى والمؤسسات المالية الأخرى زادت بمقدار 1.5 مليار دولار إلى 5.6 مليار دولار،وأضاف التقرير أن مصر سددت 290 مليون دولار من الدفعة 350 مليون دولار لأعضاء نادى باريس فى يناير.
وأوضح التقرير أن تلك الزيادة ستعزز جهود مصر للاستفادة من أسواق الدين العالمية وهو الطرح المزمع إجراءه خلال فبراير الجارى حيث يسعى صناع السياسة إلى خفض تكاليف الاقتراض، إضافة إلى أن تلك البيانات الأخيرة هى آخر ما يشير إلى أن مصر قد ألغت صفحة نقص فى الدولار الذى أثر على الاقتصاد قبل أن تتخلى السلطات عن معظم القيود المفروضة على العملة المحلية والاتجاه لخفض دعم الطاقة، تزامنا مع الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى.
وأشار التقرير إلى أن التحسن فى الاحتياطيات تزامن مع انتعاش عائدات السياحة والتحويلات المالية من المصريين فى الخارج وانخفاض العجز التجارى فى إشارة إلى أن الإصلاحات الاقتصادية تؤتى ثمارها، وقال هانى فرحات، كبير الاقتصاديين فى شركة سى أى كابيتال القابضة، ومقرها القاهرة إن الزيادة المطردة فى الاحتياطيات علامة قوية على أن الاقتصاد قادر على استيعاب المبالغ الزائدة، حتى لو تم تمويله إلى حد كبير من خلال الاقتراض الخارجى.
وأضاف التقرير أن الأكثر إيجابية فى زيادة الاحتياطى الأجنبى ليست الزيادة فحسب، بل أن الاحتياطيات لم تسقط أو تتراجع ولو مرة واحدة منذ نوفمبر 2016، وهو ما يؤيد وجهة النظر بأن زيادة ميزان المدفوعات تسمح للاقتصاد بتلبية احتياجاته من العملات الأجنبية.
وتوقع تقرير آخر لوكالة بلومبرج الأمريكية أن يبدأ صناع السياسية النقدية فى مصر للاتجاه لتخفيف السياسة النقدية بعد السياسة المتشددة التى اتبعها البنك المركزى عقب قرار تحرير أسعار الصرف والذى أدى إلى زيادة معدلات التضخم لتقفز قرب الـ 33٪، ليتجه المركزى الصرى بعده لزيادة معدلات الفائدة بواقع 700 نقطة أساس.
وأشار التقرير إلى أن محافظ المركزى المصرى يتبنى سياسة مفادها أنه سيتجه لتخفيض معدلات الفائدة خلال الأشهر المقبلة، لكن بعد التأكد من انخفاض معدلات التضخم، واستمرارها فى اتجاهها النزولى خلال الأشهر المقبلة، وأشار التقرير إلى أن العائد على أذون الخزانة المصرية انخفض خلال الأسبوعين الماضيين مما يشير إلى توقعات قوية بقرب خفض معدلات الفائدة.
وقال تقرير بلومبرج إن التضخم الأساسى السنوى فى مصر تراجع إلى نحو 20٪ فى ديسمبر بعد أن ارتفع إلى مستوى قياسى فى يوليو، مما يشير إلى أن الهزات الارتدادية للتعويم كانت عنيفة، وقال الاقتصاديون انهم يتوقعون أن يبدأ البنك المركزى خفض أسعار الفائدة بعد أن هدأت الزيادة فى الأسعار.
ولفت تقرير بلومبرج أن تدفقات العملة الأجنبية للاقتصاد المصرى منذ اتخذ البنك المركزى قراره بتحرير أسعار الصرف فى نوفمبر 2016 ارتفعت إلى ما يزيد على نحو 100 مليار دولار، وهو ما يعد تأكيدا أضافيا وحاسما على أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية تؤتى ثمارها.