تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كقوة رائدة في مجال التمويل الأخضر بمنطقة الشرق الأوسط، مدعومة بالتزام حكومي راسخ، ونفوذ صناديقها السيادية، وأُطرها التنظيمية الواضحة، وفق ما جاء في تقرير نشره موقع "Green Prophet".
وتشهد السوق الإماراتية نمواً في الحجم والنضج، مدفوعاً بمبادرات ما بعد مؤتمر المناخ "كوب 28"، تأكيداً لتوجه الدولة نحو بناء اقتصاد مستدام ومنخفض الكربون.
مسيرة التحول والإدراك الاستراتيجي
انطلقت رحلة الإمارات في هذا المجال منذ عام 2008 مع إطلاق مشروع "مدينة مصدر"، التي تحولت اليوم إلى مركز عالمي للابتكار ومحور للاستثمارات السيادية في التكنولوجيا النظيفة.
وتُدرك الإمارات أن الاعتماد على اقتصاد الوقود الأحفوري لن يضمن مستقبلاً مبتكراً، خاصة مع وصول العالم إلى مرحلة "ذروة النفط" وتزايد القيود على الانبعاثات الكربونية.
قيادة سوق السندات المستدامة
تُعد الإمارات محركاً رئيسياً في سوق السندات المستدامة بالمنطقة، إذ تبقى المصدر الأكبر للسندات الخضراء في الشرق الأوسط. ورغم التباطؤ الإقليمي الطفيف في الإصدارات خلال عام 2024 جراء الظروف الاقتصادية العالمية، تتوقع وكالة "إس آند بي جلوبال" أن تتراوح قيمة الإصدارات المستدامة في المنطقة بين 18 و23 مليار دولار في عام 2025.
ويقود القطاع المالي الجزء الأكبر من هذه السوق داخل الدولة، مع تركيز واضح للتمويل على مشاريع الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والنقل المستدام.
دور الصناديق السيادية في دفع التحول
تلعب الصناديق والمؤسسات السيادية في أبوظبي دوراً محورياً في قيادة التحول الأخضر، وعلى رأسها "مبادلة" و"أدنوك للاستثمار" و"مصدر".
مصدر: رسخت مكانتها كلاعب عالمي في الطاقة النظيفة، وأصدرت في مايو 2025 سندها الأخضر الثالث بقيمة مليار دولار، والذي حظي بتغطية فاقت قيمته 6.6 مرات، ما يعكس إقبالاً قوياً من المستثمرين لتمويل مشاريع الطاقة الشمسية والرياح عالمياً.
صندوق "ألتيرا": أطلقت الإمارات خلال "كوب 28" صندوق "ألتيرا" برأسمال أولي يبلغ 30 مليار دولار، بهدف تحفيز تمويل الاقتصاد المناخي الجديد، وخطط لجذب استثمارات تصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030.
أهداف الحياد الكربوني: تسعى "مبادلة" لتحقيق الحياد الكربوني في محفظتها الاستثمارية العالمية بحلول عام 2050، بينما تتبنى الشركة العالمية القابضة إطاراً متكاملاً للتمويل المستدام يوجه استثماراتها نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات.
تعزيز الأطر التنظيمية ومكافحة "الغسل الأخضر"
على الصعيد التنظيمي، أرست الجهات الرقابية الإماراتية، كالمصرف المركزي وهيئة الأوراق المالية والسلع وسلطة أبوظبي ودبي للأسواق المالية، أطر عمل قوية للتمويل المستدام.
في عام 2023، أطلقت سلطة أبوظبي للأسواق المالية إطاراً تنظيمياً شاملاً يتضمن معايير للإفصاح البيئي والاجتماعي والحوكمة، وتصنيفات رسمية للأدوات الخضراء.
وتهدف هذه الأطر إلى مكافحة ظاهرة "الغسل الأخضر" من خلال فرض التحقق من طرف ثالث، والالتزام بالمعايير الدولية، مثل مبادئ السندات الخضراء.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض