نتنياهو: حل الدولتين قد يستغرق أجيالًا.. والسيادة الأمنية يجب أن تبقى لإسرائيل


الجريدة العقارية الاربعاء 15 أكتوبر 2025 | 10:33 مساءً
نتنياهو
نتنياهو
حسين أنسي

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الوصول إلى واقع يحقق حل الدولتين "قد يستغرق أجيالًا"، مشددًا على أن السيادة الأمنية يجب أن تبقى بيد إسرائيل في أي تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، معتبرًا أن أي حكم فلسطيني يجب أن "يتوقف عن تعليم الأطفال تدمير الدولة الإسرائيلية".

جاء ذلك خلال مقابلة مطوّلة أجراها نتنياهو مع شبكة CBS الأميركية، حيث تطرق إلى رؤيته لما يسمى بـ"حل الدولتين"، قائلاً: "عندما تحدثت عن ذلك، لم يكن المقترح كما يطرحه الناس الآن. إذا افترضنا أن هناك دولتين ذات سيادة، فالدولة الفلسطينية لا يمكن أن تمتلك صلاحيات تهدد وجودنا، ولا يمكنها أن تبرم اتفاقيات أو تبني جيشًا مستقلاً. يجب أن تبقى سلطة السيادة الأمنية لدى إسرائيل".

وأضاف نتنياهو مبررًا موقفه: "وإلا فإن المتشددين سيسيطرون، وستتدخل إيران فورًا، كما حدث في كل مرة انسحبنا فيها من أراضٍ، دخل أكثر المتشددين تشدداً إلى الساحة".

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن أي تغيير جذري في الموقف الفلسطيني "قد يستغرق أجيالًا"، قائلاً: "إذا كان هناك حكم فلسطيني يتوقف عن تعليم أطفاله تدمير إسرائيل، ويبدأ في تعليمهم السلام، عندها يمكن أن نصل إلى واقع مختلف، لكن ذلك قد يستغرق أجيالًا".

وأشار نتنياهو إلى أنه حتى لو افترضت إسرائيل أن قيادة غزة وسكانها "تخلوا عن التشدد"، فإن بلاده "ستظل بحاجة إلى السيطرة على القوة العسكرية لمنع أي تهديد وجودي"، على حد تعبيره.

مقترح حل الدولتين وتطور المواقف الدولية

يأتي هذا التصريح في وقت يتجدد فيه النقاش الدولي حول حل الدولتين، وهو المقترح الذي ينص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل. ويحظى هذا الحل بتأييد دولي واسع وتبنٍّ من الأمم المتحدة وفق قراراتها رقم 181 (عام 1947) و242 (عام 1967)، رغم استمرار رفض حكومة نتنياهو له.

وفي يوليو الماضي، استضافت كل من السعودية وفرنسا المؤتمر الدولي للتسوية السلمية في نيويورك، الذي انتهى باعتماد "إعلان نيويورك"، مؤكّدًا الالتزام الدولي الثابت بإقامة دولتين مستقلتين ومتجاورتين في أمن وسلام.

وشهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأييدًا استثنائيًا للإعلان بأغلبية 142 صوتًا، حيث أكدت الدول الموقعة، من بينها فرنسا والسعودية، أن الحل يقوم على احترام قرارات الشرعية الدولية وبناء مستقبل مشترك للفلسطينيين والإسرائيليين.

كما أعلنت عدة دول غربية، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة تاريخية وُصفت بأنها تحوّل في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية.

ردود الفعل الدولية على تصريحات نتنياهو

أثارت تصريحات نتنياهو الأخيرة موجة من الانتقادات في الأوساط السياسية والدبلوماسية، فقد وصف وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس مواقف نتنياهو بأنها "بعيدة عن منطق السلام"، مؤكدًا أن "الإسرائيليين سيرغبون يوماً ما في العيش جنبًا إلى جنب بسلام مع الفلسطينيين".

من جهته، دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى استئناف مفاوضات جدية لتحقيق "حل الدولتين عبر التفاوض"، مؤكدًا أن هذا هو "السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم بين الشعبين".

كما شددت فرنسا والسعودية، في بيان مشترك، على أن "حل الدولتين يمثل المسار الواقعي الوحيد لإنهاء الصراع"، مشيرتين إلى أن "إعلان نيويورك" حدد خطوات ملموسة مرتبطة بإطار زمني لا رجعة فيه.

الرؤية الفلسطينية لمستقبل الدولة

بدوره، قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مؤتمر نيويورك خطة شاملة لبناء دولة فلسطينية "موحدة وغير مسلحة"، تتضمن قانونًا واحدًا وقوات أمن شرعية موحدة، مع التعهد بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون عام من انتهاء الحرب في غزة، وإعداد دستور مؤقت خلال ثلاثة أشهر لضمان الانتقال من السلطة إلى الدولة.

خلاصة المشهد

تصريحات نتنياهو الأخيرة تأتي في وقت حرج تمر فيه المنطقة بأكملها، إذ تتزامن مع تحركات دولية متصاعدة لإحياء مفاوضات السلام، مقابل موقف إسرائيلي متشدد يرفض الاعتراف بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة.

وبينما يرى المجتمع الدولي أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، يتمسك نتنياهو بسيطرة إسرائيل الأمنية الكاملة، ما يجعل الطريق إلى السلام طويلاً وقد “يستغرق أجيالًا” كما قال بنفسه.