أثار المستثمر الأمريكي الشهير فرانك هولمز، الرئيس التنفيذي لشركة "U.S. Global Investors"، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية بعد أن رجّح إمكانية صعود سعر الذهب إلى مستوى 7000 دولار للأوقية بحلول عام 2029.
استند هولمز في توقعه إلى ارتفاع مستويات الدين العالمي، وتراجع قدرة البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة دون الإضرار بالنمو الاقتصادي.
لكن خبراء الذهب وصفوا هذا التوقع بـ"المبالغ فيه"، مؤكدين أنه يفتقر إلى الأسس الاقتصادية الواقعية في ظل التقلبات العالمية المتسارعة التي تجعل من الصعب التنبؤ بأسعار الذهب على مدى بعيد.
الزخم الصعودي الحالي: ملاذ آمن في زمن المخاوف
يتداول الذهب عالمياً في الوقت الحالي عند مستويات تقارب 3941 دولاراً للأوقية، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنة ببداية العام، حيث كان السعر حينها حوالي 2600 دولار.
ويعكس هذا الصعود حالة من الزخم القوي نتيجة:
تراجع الدولار الأمريكي: مما يزيد من جاذبية الذهب كأصل مقوم بعملة بديلة.
تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية: مما يرفع الطلب على الذهب كملاذ آمن تقليدي.
توقعات الـ 7000 دولار: افتقار للواقعية والمنطق
أكد خبراء السوق المصري أن التنبؤ بوصول الذهب إلى 7000 دولار في غضون أربع أو خمس سنوات يعد "غير واقعي تماماً".
عدم مراعاة المتغيرات: قال لطفي منيب، نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن مثل هذه التوقعات لا تراعي العوامل المتغيرة كالحروب، أو الأزمات الاقتصادية المفاجئة، أو ظهور أوبئة جديدة، مشيراً إلى أن "جائحة كورونا قلبت موازين الأسواق العالمية، وتسببت في تضاعف أسعار الذهب والمعادن"، مما يجعل التنبؤ الدقيق لسنوات مقبلة أمراً عسيراً.
دلالة الانهيار: أوضح منيب أن سعر 7000 دولار للأوقية يعني ضمناً أن العالم يواجه أزمات اقتصادية عنيفة أو انهيارات كبرى، مضيفاً أن المشهد العالمي للذهب حالياً "ضبابي جداً".
علاقة الذهب بالدولار: أشار إلى استمرار العلاقة العكسية بين الذهب والدولار: فكلما ارتفع أحدهما، تراجع الآخر غالباً.
من جانبه، اتفق نادي نجيب، سكرتير عام شعبة الذهب السابق، مع هذا الرأي، واصفاً توقعات الوصول إلى 7000 دولار بأنها "بعيدة تماماً عن الواقع والمنطق".
وأوضح أن سعر الذهب يتأثر بـأسعار النفط، النزاعات العالمية، ومستوى الاستقرار السياسي والاقتصادي الدولي، مما يجعل التنبؤ بأسعاره على المدى الطويل شبه مستحيل.
انعكاسات دولية ومحلية
لفت لطفي منيب إلى نقطة مالية هامة تتعلق بالولايات المتحدة، التي تحتفظ بـأكبر احتياطي من الذهب عالمياً (حوالي 8133 طناً).
لا تزال أمريكا تُقيّم هذا الاحتياطي وفق سعر 42 دولاراً للأوقية – السعر المعتمد منذ عام 1973 – مشيراً إلى أن إعادة تقييمه بالسعر الحالي قد تُحدث تحولاً اقتصادياً ضخماً في ميزانيتها.
أما على الصعيد المحلي، فأوضح نادي نجيب أن السوق المصري يتأثر بشكل مباشر بتحركات السعر العالمي.
وأضاف أن تراجع الدولار أمام الجنيه قد يخفف جزئياً من وتيرة الارتفاعات محلياً، لكنه لن يمنعها تماماً، في ظل انفتاح السوق المصري على الأسواق العالمية.
واختتم نجيب حديثه بالتأكيد على أن الاتجاه الصعودي للذهب قد يستمر على المدى القريب، خاصة مع استمرار خفض الفائدة في بعض الاقتصادات الكبرى، مما يدفع المستثمرين للابتعاد عن الأدوات المالية التقليدية واللجوء إلى الذهب كخيار أكثر أماناً.