قال ميسرة بكور، المدير العام للمركز العربي الأوروبي للدراسات، إن التوصية التي أطلقها البنك المركزي الأوروبي للمواطنين بالاحتفاظ بجزء من أموالهم نقدًا، ليست بمثابة رفض للتكنولوجيا أو تنصل من المدفوعات الرقمية، بل هي إجراء احتياطي مدفوع بدراسات دقيقة للأزمات التي عصفت بأوروبا خلال العقد الأخير.
وأضاف بكور، في مقابلة تلفزيونية، أن التقرير الذي صدر عن البنك المركزي الأوروبي يستند إلى تحليل أزمات متعددة — مثل أزمة الديون اليونانية، جائحة كورونا، الحرب الأوكرانية، وأزمة البنوك في دول مثل قبرص — إلى جانب حالات انقطاع الكهرباء أو تعطّل البنية التحتية الرقمية، كما حصل مؤخرًا في إسبانيا.
وأشار إلى أن التوصية تعكس “موازنة” بين الاعتماد على التكنولوجيا وضرورة وجود جزء نقدي كملاذ في الطوارئ، مشددًا على أن النقد الورقي يُعطي للناس شعورًا أكبر بالأمان والسيطرة على أموالهم، خصوصًا في حالات انقطاع الخدمات المصرفية أو هجمات سيبرانية محتملة.
وحذر بكور من أن الدخول في عمليات سحب كبيرة للنقد قد يضعف السيولة المصرفية ويؤثر سلبًا في الدورة الاقتصادية، إذا تجاوزت الأرقام حدودها. وأوضح أن البنوك الأوروبية تخضع لتجارب اختبارات الضغط (Stress Tests)، وتتوفر ضمانات لبعض الودائع حتى حد معين (مثلاً 100 ألف يورو) لحماية النظام من الانهيار.
كما لفت إلى أن التوصية قد تلقى تجاوبًا بين المواطنين الأوروبيين، خاصة أنهم شهدوا تصاعدًا في معدل اكتناز النقد منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، مؤكدًا أن الناس بدأوا يحتفظون بمبالغ صغيرة في منازلهم كجزء من “ميزانية الطوارئ”.
وأشار بكور إلى أن مثل هذه التوصية لا يُرجّح أن تُطبق بسهولة في الدول النامية، حيث تفتقر البنى التحتية الرقمية والثقة في البنوك، ويُفضل المواطنون غالبًا تخزين المال “تحت البلاطة” أو في المنازل. وأضاف أن مثل هذه الممارسات قد تؤدي إلى تراجع في الإقراض والاستثمار إذا انسحب حجم كبير من النقود من الدورة المالية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن التوصية تُعد تأكيدًا على أن التكنولوجيا ليست معصومة عن الخطأ أو التعطّل، وأن وجود جزء نقدي في يد المواطن يعد “شبكة أمان” في الأزمات، لا دليلًا على فقدان الثقة في الأنظمة المصرفية.