أكد أكسيل فان تروتسنبرغ، المدير المنتدب الأول للبنك الدولي، أن افتتاح المقر الإقليمي للبنك في الرياض يمثل خطوة محورية في مسيرة تعاون مثمر استمر لأكثر من 50 عامًا بين البنك الدولي والمملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس تطور العلاقة نحو شراكة استراتيجية أوسع تهدف إلى نقل المعرفة التنموية وتبادل التجارب بين الدول.
وأضاف فان تروتسنبرغ في لقاء مع قناة العربية بيزنيس، أن البنك الدولي لا يقتصر دوره على الدعم المالي للدول النامية، بل يعد أيضًا بنكًا معرفيًا يمتلك ثروة من الخبرات المتراكمة عبر مشاريع تنموية في قارات متعددة مثل آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. وأوضح أن الهدف من توسعة الحضور الإقليمي هو تعزيز نقل هذه المعرفة وتكييفها حسب خصوصيات كل دولة، معتبراً أن السعودية لديها تجارب تنموية رائدة تستحق أن تُشارك على المستوى العالمي.
مركز المعرفة العالمي في الرياض ودوره في خلق الوظائف
وفيما يخص مركز المعرفة العالمي الذي تم إنشاؤه في السعودية منذ نحو عام، أشار المدير التنفيذي للبنك الدولي إلى أن المركز يلعب دورًا متناميًا في تسليط الضوء على النماذج السعودية الناجحة في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي. واستشهد بمثال مستشفى صحة الافتراضي، الذي يخدم أكثر من 230 مستشفى داخل المملكة، مؤكدًا أن هذه التجربة لا تعد إنجازًا محليًا فحسب، بل يمكن تصديرها للدول التي تعاني من تحديات مماثلة في الرعاية الصحية.
كما أشاد بالبيئة الداعمة للأعمال في المملكة، موضحًا أنه شاهد بنفسه خلال زيارته كيف يمكن تأسيس شركة خلال دقائق معدودة فقط، وهو ما اعتبره أمرًا فريدًا لا تملكه أي دولة أخرى حاليًا، مضيفًا أن مثل هذه الخطوات تسهم بشكل مباشر في تشجيع ريادة الأعمال وخلق بيئة محفزة للاستثمار.
وقال فان تروتسنبرغ: "ربطنا مركز المعرفة بجدول أعمال خلق الوظائف، لأن تسهيل تأسيس الشركات وتبسيط الإجراءات يقللان من العوائق أمام الشباب الطامحين لبناء مشاريعهم الخاصة. وإذا واجه هؤلاء الشباب عقبات بيروقراطية، فلن يُقبلوا على ريادة الأعمال أو الابتكار".
الحاجة إلى استثمارات تمكينية لدعم الشباب
وشدد المدير التنفيذي للبنك الدولي على أهمية تحفيز القطاع الخاص باعتباره المحرك الحقيقي لخلق فرص العمل، موضحًا أن القطاع العام لن يكون قادرًا وحده على توليد الوظائف المطلوبة لملايين الشباب الذين سينضمون لسوق العمل خلال العقد المقبل. وأضاف: "تشير التقديرات إلى أن 1.2 مليار شاب سيدخلون سوق العمل خلال السنوات العشر القادمة، بينما لن تتوفر وظائف سوى لحوالي 400 مليون منهم، ما يخلق فجوة خطيرة يجب أن نسارع في سدها".
ولتحقيق ذلك، دعا إلى تبني سياسات تركّز على الاستثمار في التعليم والبنية التحتية، إلى جانب إصلاح السياسات التي قد تعرقل أداء القطاع الخاص، مشيرًا إلى ضرورة إزالة القيود التنظيمية، وتشجيع الشركات على تبني الرقمنة والذكاء الاصطناعي واستكشاف الأسواق الخارجية.
تفاؤل البنك الدولي بمستقبل الاقتصاد السعودي
وفي ختام حديثه، أبدى فان تروتسنبرغ تفاؤله الكبير بشأن قدرة السعودية على لعب دور إقليمي وعالمي في التنمية المستدامة، مؤكدًا أن البنك الدولي يعمل عبر شراكة متكاملة بين القطاعين العام والخاص، ومع الحكومات، لدفع عجلة الإصلاح والتنمية.
وأضاف: "نحن على يقين بأن التعاون العابر للحدود والقطاعات، واستلهام النماذج الناجحة مثل النموذج السعودي، سيمكّننا من تحقيق تقدم حقيقي في ملفات التوظيف والتنمية. يجب أن نستفيد من التجارب العالمية لنُطبق حلولًا عملية تناسب احتياجات الشعوب ليس فقط في السعودية، ولكن في أنحاء مختلفة من العالم".