شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن تصعيداً جديداً في الأزمة السياسية، مع إعلان قادة الجمهوريين في مجلس النواب اعتزامهم البقاء خارج العاصمة طوال فترة الإغلاق الحكومي المستمر، مما يُؤكد على الجمود السياسي الذي يُعطّل عمل الكونجرس.
ويُشير هذا التكتيك إلى تصاعد استراتيجية الضغط على الديمقراطيين في مجلس الشيوخ.
الجمهوريون: مجلس النواب أنجز مهمته
في مقابلة متلفزة، أكد توم إيمر، منسق الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا، أن الرسالة واضحة؛ حيث صرح قائلاً: "مجلس النواب أنجز عمله. الجمهوريون مستعدون للعودة إلى العمل وإنجاز مهام الشعب بمجرد أن يُعيد تشاك شومر والديمقراطيون في مجلس الشيوخ فتح الحكومة".
يُعكس هذا الموقف إصرار الجمهوريين على تمرير مشروع قانون التمويل المؤقت الذي صاغوه، والذي يهدف إلى إعادة فتح الحكومة دون التوصل إلى تسوية بشأن دعم التأمين الصحي، وهو المطلب الذي يصر عليه الديمقراطيون.
تصعيد استراتيجي لرئيس المجلس
يُعد قرار رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، بإبقاء المشرعين خارج واشنطن للأسبوع القادم، خطوة تُصعّد من استراتيجيته الهادفة إلى إخضاع مجلس الشيوخ لشروط الجمهوريين. وهي المرة الثانية التي يتخذ فيها جونسون هذا الإجراء، بعد أن ألغى جلسات تصويت كانت مقررة في وقت سابق، مما يُشير إلى إدارة حازمة للأزمة من منظور الأغلبية.
انتقادات الديمقراطيين: اتهام بـ "الإجازة" على حساب الشعب
في المقابل، شن هاكيم جيفريز، زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، هجوماً لاذعاً على الجمهوريين، متهماً إياهم بـ"الذهاب في إجازة" بدلاً من التفاوض للتوصل إلى حل يمنع ارتفاع أقساط التأمين الصحي على ملايين المواطنين الأمريكيين.
أكد جيفريز على وحدة الصف الديمقراطي في المجلسين، مشدداً على رفض الإذعان لضغوط الإدارة الجمهورية: "هذه الإدارة تحاول إرغامنا، لكننا لن نُرغم. هناك وحدة داخل مجلسي النواب والشيوخ، وبين الديمقراطيين جميعاً، على ضرورة معالجة هذه القضية -التأمين الصحي-".
لا أفق لحل وشيك: الكونجرس في طريق مسدود
تُشير التوقعات إلى أن احتمالات التوصل إلى اتفاق قريب في مجلس الشيوخ تبدو ضئيلة للغاية. فقد استبعد العديد من الأعضاء، من كلا الحزبين، تحقيق تقدم فوري قبل مغادرتهم واشنطن لقضاء عطلة نهاية الأسبوع.
وأعربت السيناتور سوزان كولينز، الجمهورية ورئيسة لجنة الاعتمادات، عن تشاؤمها حيال الأزمة، قائلة: "كنت أعتقد أننا نقترب من إعادة فتح الحكومة، لكن يبدو أننا لم نفعل".
في مفارقة مثيرة، رأى السيناتور الجمهوري مايك راوندز أن غياب أعضاء مجلس النواب عن العاصمة قد يكون مفيداً للتفاوض، حيث قال: "عندما يعود 435 نائباً غاضباً من كلا الجانبين، لن يُسهم ذلك في الحل. ربما من الأفضل أن يبقوا بعيدين حالياً".
يُوضح هذا الجمود أن الأزمة ليست مجرد خلاف على أرقام الميزانية، بل هي صراع استراتيجي محتدم بين رؤى الحزبين حول أولويات الإنفاق الحكومي، مما يُبقي مؤسسات الدولة معطلة ويُؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين الأمريكيين.