أكد الدكتور سعيد حسانين، استشاري التخطيط العمراني، أن الدولة المصرية حققت تطورًا غير مسبوق في ملف الإسكان خلال السنوات العشر الماضية، حيث تم إنشاء ما يقرب من 3.3 مليون وحدة سكنية، بمعدل سنوي يصل إلى حوالي 330 ألف وحدة، ما يعادل استيعاب النمو السكاني السنوي ويعكس نجاح السياسات الإسكانية في تلبية الطلب المتزايد على السكن.
وأوضح الدكتور حسانين، في مداخلة مع الإعلامية رانيا الشامي، ببرنامج "تعمير"، على قناة on، أن هذه الأرقام تمثل الوحدات الرسمية التي أنتجتها الدولة والقطاع الخاص، دون احتساب الوحدات التي يتم إنشاؤها بواسطة المواطنين بأنفسهم، مما يعكس حجم الإنجاز الكبير الذي تحقق في هذا القطاع الحيوي.
وأضاف أن هذه الوحدات ساهمت بشكل مباشر في تقليل الفجوة الإسكانية وتحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب، بما يتماشى مع الزيادة السكانية السنوية التي تتراوح بين 1.2 إلى 1.5 مليون نسمة.
وأشار إلى أن الدولة ركزت على محورين رئيسيين في استراتيجيتها الإسكانية، الأول تمثل في الإسكان الاجتماعي لخدمة الشرائح غير القادرة ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، والثاني في إعادة توطين المواطنين في مناطق حضارية بديلة عن العشوائيات والمناطق غير الآمنة، حيث تم تنفيذ نحو 300 ألف وحدة سكنية ضمن هذا التوجه.
توزيع جغرافي عادل
وحول أبرز المناطق التي شهدت طفرة في الإسكان، أوضح استشاري التخطيط العمراني أن الطرح الأخير للوحدات شمل جميع محافظات الجمهورية، ما يعكس توجها واضحًا لتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الوحدات السكنية.
وأشار إلى أن المحافظات التي كانت تعاني سابقًا من نقص في الوحدات السكنية، مثل أسوان، الأقصر، قنا، سوهاج، الدقهلية، القليوبية، ومطروح، أصبحت الآن تشهد نشاطًا ملحوظًا في قطاع الإسكان بعد أن وصلت لها مشاريع الدولة.
وأضاف أن القاهرة الكبرى أيضًا استفادت من التوسع في مشروعات الإسكان، لا سيما في حدائق أكتوبر وأكتوبر الجديدة، بما يسهم في تخفيف الضغط على العاصمة وتوفير وحدات سكنية في بيئة عمرانية منظمة.
تعاون بين الدولة والقطاع الخاص
أكد الدكتور سعيد حسانين أن التوازن في توفير الوحدات السكنية تم من خلال تنوع آليات الإنتاج، حيث تنتج الدولة الوحدات المدعومة للفئات محدودة الدخل، بينما يوفر القطاع الخاص وحدات تلبي احتياجات الفئات المتوسطة وفوق المتوسطةK وتقوم الحكومة بتيسير مهمة المطورين العقاريين من خلال توفير الأراضي المخططة والمرافق الأساسية في المدن الجديدة.
وأشار إلى أن هناك دراسة اجتماعية متكاملة تسبق الطرح لتحديد الاحتياجات الحقيقية لكل فئة في كل محافظة، مما يضمن استهدافًا دقيقًا لمختلف الشرائح الاجتماعية.
طرح جديد بـ400 ألف وحدة سكنية
وعن الطرح الجديد الذي أعلنته وزارة الإسكان ضمن المرحلة الثانية والذي يشمل 400 ألف وحدة سكنية، أوضح الدكتور حسانين أن المرحلة الأولى ساهمت بالفعل في حل جزء كبير من الفجوة الإسكانية، وأن المرحلة الثانية ستمثل استكمالًا لهذا النجاح، مشيرًا إلى أن الطرح يشمل وحدات جاهزة للتسليم الفوري تصل إلى 13,200 وحدة، وهو ما يسهم في حل مشاكل عاجلة لفئات متعددة، وعلى رأسها فئة الشباب الباحثين عن سكن مناسب.
وأكد أن هذا الطرح الجديد سيلبي جزءًا مهمًا من الطلب الحالي، خصوصًا في ظل التوزيع الجغرافي المتوازن الذي يراعي نسب الفقر، ومعدلات الطلب في المحافظات المختلفة.
اختتم الدكتور سعيد حسانين تصريحاته بالتأكيد على أن قطاع الإسكان في مصر يشهد واحدة من أهم المراحل التنموية في تاريخه الحديث، وأن الدولة استطاعت من خلال رؤيتها المتكاملة وشراكتها الفعالة مع القطاع الخاص أن تحقق نقلة نوعية في هذا الملف الحيوي، مؤكدًا أن الاستمرارية في الطرح والتخطيط العلمي هو مفتاح حل الأزمة الإسكانية بشكل جذري خلال السنوات المقبلة.