خبير: قرار تثبيت الإيجارات في الرياض خطوة استراتيجية لتحقيق رؤية 2030


الجريدة العقارية الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 | 06:37 مساءً
عقارات السعودية
عقارات السعودية
محمد فهمي

قال إياد غلام، المحلل المالي والخبير في شؤون الأسواق المالية، إن قرار تثبيت الإيجارات في مدينة الرياض يأتي ضمن حزمة من السياسات والقرارات الاستراتيجية التي تم إصدارها خلال الأشهر الماضية، تنفيذًا لتوجيهات سمو ولي العهد، ويُعد من أهم الأدوات الهادفة لتحقيق التوازن الاقتصادي والسيطرة على التضخم، مع تسريع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

وأوضح غلام في مداخلة مع العربية بيزنيس، أن القرار ينسجم مع سلسلة من الإصلاحات الهيكلية التي تشمل: نظام تملك الأجانب، الرسوم على الأراضي البيضاء، تنظيمات سوق الإيجارات.

السيطرة على التضخم وتعزيز القوة الشرائية

وأضاف غلام أن تثبيت الإيجارات سيساهم بشكل رئيسي في ضبط التضخم، لا سيما أن عنصر الإيجارات كان يشكل العامل الأكبر في ارتفاع التضخم رغم أن المعدلات الإجمالية ما تزال عند مستويات منخفضة نسبيًا (ما بين 1.7% و2%).

وأشار إلى أن ثبات بند الإيجار في مصاريف الأسر السعودية، والذي يمثل حوالي 12% إلى 15% من إجمالي الإنفاق الأسري، سيسمح بتحقيق نمو في الاستهلاك نتيجة ثبات التكاليف وزيادة الدخل، وبالتالي يُتوقع أن ينعكس هذا القرار إيجابًا على الدورة الاقتصادية بأكملها.

تأثير مباشر على قطاعات السوق: الريتس والعقار في الواجهة

وحول القطاعات المدرجة المتأثرة مباشرة بقرار تثبيت الإيجارات، أوضح غلام أن أبرز المتأثرين سلبًا هم:

1. صناديق الريتس (REITs):

تشكل مدينة الرياض حوالي 50% من إجمالي أصول صناديق الريتس المدرجة.

من هذا الرقم، 30% تخص القطاعين السكني والتجاري، وهما الأكثر تأثرًا بالقرار.

من بين نحو 16 صندوق ريتس، هناك حوالي 14 صندوقًا لديهم تعرض مرتفع للرياض، و5-6 منها تفوق نسبة تعرضها 50%.

4 صناديق فقط لا تتعرض للرياض إطلاقًا، واثنان آخران لديهما تعرض أقل من 20%.

ورغم هذا التأثير، أشار غلام إلى أن الريتس التي لديها عقود طويلة الأجل مع بنود تصعيد تلقائي (Escalation) قد تستمر في تحقيق عوائد جيدة.

كما أوضح أن توزيعات الأرباح المرتفعة التي تقدمها صناديق الريتس، حيث يبلغ متوسط العائد النقدي نحو 6.5% مقارنة بـ4% في السوق، تُعد عامل توازن يُقلل من أثر القرار على جاذبية هذه الأدوات الاستثمارية، خاصة في ظل التوقعات بتراجع أسعار الفائدة وتكاليف التمويل.

2. شركات التطوير العقاري:

القرار مرتبط أيضًا بقوانين رسوم الأراضي البيضاء، ما يضع الشركات المطورة أمام خيارين:

الدفع المباشر للرسوم،

أو الإسراع في التطوير واستثمار الأراضي.

وأشار غلام إلى أن الكثير من الشركات، مثل شركة طيبة، بدأت فعلاً بالإعلان عن خطوات لتطوير مساحات كبيرة من الأراضي غير المستغلة، بما يعكس استجابة مباشرة للضغوط التنظيمية، ومساهمة في تسريع وتيرة التطوير العقاري في العاصمة.

قرارات متكاملة تحفز العرض وتنظم السوق

أكد غلام أن قرار تثبيت الإيجارات لم يُصدر بمعزل عن باقي القرارات العقارية، بل جاء كجزء من منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق الإسكان، مشيرًا إلى أن وجود محفزات للمطورين مقابل تحديد سقف الإيجارات يخلق بيئة أكثر استدامة ويحل الأزمة من جذورها.

وأضاف: "عادةً، تحديد سقف للإيجارات دون محفزات للتطوير يُجمّد السوق. لكن في هذه الحالة، التشريعات جاءت متكاملة ومحفّزة للنشاط، وهو ما نتوقع أن يُعزز من تطوير المشاريع السكنية والتجارية في الرياض."

القطاعات المستفيدة: التجزئة والنمو في الإنفاق الاستهلاكي

على الجانب الآخر، أوضح غلام أن من بين أكثر القطاعات استفادة من القرار:

1. قطاع التجزئة:

تثبيت الإيجارات يدعم تحسين الربحية، من خلال تخفيف الضغط على التكاليف التشغيلية.

لكن التأثير سيكون أكثر وضوحًا في التدفقات النقدية (Free Cash Flow) وليس مباشرة في الأرباح بسبب معايير المحاسبة الدولية IFRS 16، والتي تنقل بعض الالتزامات الإيجارية إلى الميزانية العمومية.

2. القطاعات التوسعية مثل الأندية الرياضية ومحطات الوقود:

هذه القطاعات تعتمد على نموذج توسعي سريع، ويتطلب استئجار مواقع جديدة بشكل مستمر.

ثبات تكلفة الإيجار يساعد في تخطيط التوسع بشكل مستقر ومستدام، مما يعزز جاذبية هذه الاستثمارات.

 التوجهات الحالية تدعم اقتصادًا أكثر كفاءة واستدامة

وفي ختام حديثه، أشار غلام إلى أن القرارات الأخيرة الصادرة بشأن سوق العقارات، وخاصة في مدينة الرياض، تعكس توجهًا استراتيجيًا لتقليل الاعتماد على المضاربات العقارية وتحقيق أهداف الرؤية الوطنية، مؤكدًا أن التوازن ما بين تطوير المعروض وضبط الأسعار هو المفتاح لتحقيق سوق عقاري صحي ومستقر.