استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الإثنين، رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، لإجراء محادثات محورية حول خطة السلام المقترحة في غزة، والتي تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين، وسط تصاعد العزلة الدولية لإسرائيل وتزايد الدعوات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وتأتي هذه الزيارة، وهي الرابعة لنتنياهو منذ عودة ترامب إلى منصبه في يناير الماضي، في وقتٍ يسعى فيه رئيس وزراء الاحتلال إلى تعزيز العلاقات مع أهم حلفائه، بعد أن أقدمت مجموعة من الدول الغربية الأسبوع الماضي على الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، في خطوة اعتبرتها واشنطن وتل أبيب تحديًا مباشرًا لموقفهما.
وقف الحرب في غزة
كان ترامب قد عبّر عن رفضه الشديد لخطوات الاعتراف، معتبرًا أنها بمثابة مكافأة لحركة حماس، مشددًا على رغبته في الحصول على موافقة نتنياهو على الإطار الأمريكي الجديد الذي يستهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين لدى حماس.
ويأتي هذا اللقاء ضمن جهد دبلوماسي مكثف يقوده ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، سعيًا لتحقيق وعده الانتخابي بإنهاء العدوان على غزة بسرعة.
وقدّم الرئيس الأمريكي في هذا الإطار خطة سلام مكوّنة من 21 نقطة، طرحها أمام عدد من القادة العرب والمسلمين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بهدف حشد الدعم الإقليمي والدولي لها.
وتتمحور الخطة حول التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يعقبه إطلاق سراح جميع الأسرى خلال 48 ساعة، إلى جانب انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، تمهيدًا لإعادة إعمار القطاع تحت إشراف دولي، وإقامة سلطة فلسطينية انتقالية لإدارته.
وبحسب مصادر دبلوماسية أمريكية، فإن الهدف الرئيسي من محادثات اليوم هو سد الفجوات المتبقية بين واشنطن وتل أبيب بشأن تفاصيل الخطة، خصوصًا في ظل وجود تحفظات من قبل اليمين الإسرائيلي، الذي يضغط على نتنياهو لمواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء الكامل على حماس، رافضًا أي ترتيبات قد تمهد لقيام دولة فلسطينية، وفقًا لوكالة رويترز.
وتزامن الاجتماع مع تصعيد ميداني جديد في القطاع، حيث أعلنت وزارة دفاع الاحتلال الإسرائيلي أن دباباتها توغلت في عمق مدينة غزة، في إطار واحدة من أكبر العمليات العسكرية منذ اندلاع الحرب، بينما شدد نتنياهو على أن إسرائيل ستواصل القتال حتى تحقيق النصر الكامل على حماس في معاقلها الأخيرة".
ولدى وصوله إلى البيت الأبيض، استقبل ترامب ضيفه الإسرائيلي بمصافحة حارة أمام عدسات المصورين، في مشهدٍ يعكس دفئ العلاقات الشخصية بين الزعيمين، على عكس الاستقبال الباهت الذي حظي به نتنياهو خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي، والذي غادر خلاله عدد من المندوبين القاعة احتجاجًا على سياسات حكومته في غزة.
ورغم إشادة نتنياهو المتكررة بترامب بوصفه أقرب حلفاء إسرائيل، إلا أن مؤشرات عديدة داخل الأوساط السياسية في تل أبيب تُظهر وجود حالة من التوجس حيال بعض بنود المقترح الأمريكي، الذي أعده المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ومستشار البيت الأبيض السابق جاريد كوشنر.
كما أبدت بعض الدول العربية تحفظاتٍ حيال الخطة، خاصة فيما يتعلق بملف إعادة إعمار غزة، وآليات الانتقال السياسي في القطاع، غير أن واشنطن ترى في هذه المبادرة فرصة واقعية لتحقيق اختراق في مسار التسوية، بعد فشل العديد من جولات التفاوض السابقة.
ويأتي هذا اللقاء في وقتٍ تتزايد فيه التحديات أمام نتنياهو داخليًا، حيث يواجه ضغوطًا من شركائه في الائتلاف اليميني المتشدد، الذين يطالبونه بالمضي في ضم أجزاء من الضفة الغربية، وهي الخطوة التي حذرت دول عربية وإسلامية من إقدام إسرائيل عليها، باعتبارها تقوّض أي فرصة لإحياء حل الدولتين.
وبينما يسعى ترامب للحصول على موافقة نهائية من نتنياهو على الإطار الجديد، يرى مراقبون أن نجاح اللقاء سيُشكّل اختبارًا حقيقيًا لقدرة واشنطن على فرض رؤيتها لإنهاء الحرب في غزة، وتحقيق توازن بين متطلبات الأمن الإسرائيلي والتطلعات الوطنية الفلسطينية، في ظل بيئة إقليمية ودولية شديدة التعقيد.

