مصطفى بدرة: شركات الصرافة ضلع هام في تحريك سعر الصرف والضوابط مهمة لانتظام السوق
محمد عبد العال: البنك يسعى إلى وضع تدابير إضافية ملائمة تتناسب مع المخاطر وتطورها
سهر الدماطي: تغيير القرارات يستهدف تفادي أي ثغرات كانت مُحتملة في القواعد القديمة
بهدف تعزيز جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، أصدرالبنك المركزي المصري مجموعة من الضوابط والآليات الجديدة المتسقة مع المعايير الدولية لمكافحة الجرائم المالية العابرة للحدود، وألزم بها «شركات الصرافة» العاملة في السوق المصري، بعدما أعطاها مهلة ۶ أشهر لتوفيق أوضاعها والبدء في تنفيذ هذه الضوابط .
ألزمت هذه الضوابط شركات الصرافة بتعيين مدير مسؤول عن مكافحة غسل الأموال مع الإبلاغ الفوري عن بياناته للبنك المركزي، وتحديد من ينوب عنه أثناء غيابه، وإخطار البنك المركزي ببيانات الاتصال الخاصة بهذا المدير ونائبه خلال ۳ أيام من قرار التعيين، وضرورة وجود نظم آلية لكشف أسماء العملاء المُدرجين على قوائم الإرهاب المحلية والدولية وتحديث تلك القوائم باستمرار.
كما شددت أيضا على أن يكون لدى الشركة إطار حوكمة واضح لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح مبنى على المنهج القائم على المخاطر، وأن يتضمن تحديد الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بهذا، والتأكد من تطبيقها بشكل سليم من قبل جميع العاملين.
كما ألزم البنك المركزي المصري أيضا شركات الصرافة بوضع نظم آلية قادرة على الكشف عن أسماء جميع العملاء والمستفيدين الحقيقيين وأي أطراف أخرى بقوائم مجلس الأمن أو قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين المحلية أو أية قوائم سلبية أخرى ترى الشركة ضرورة الرجوع إليها، وكذا وضع الإجراءات المناسبة الواجب تطبيقها على الأشخاص والكيانات المدرجة عليها وإيقاف تنفيذ المعاملات، مع التأكد من ضرورة تحديث تلك القوائم بصفة دورية ومستمرة.
وقد أكد البنك المركزي، أن هذه الضوابط تمثل الحد الأدنى الذي ينبغي على شركات الصرافة الالتزام به، إلى جانب إجراءات العناية الواجبة بعملاء شركات الصرافة والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي الصادرة عن وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الأرهاب في فبراير ۲۰۲۰ إذ ينبغي على شركات الصرافة وضع تدابير إضافية ملائمة بما يتناسب مع نتائج تقييم المخاطر الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المعتمد لديها.
وأشار» المركزي» إلى أن هذه الضوابط جاءت بما يتوافق مع التطورات في البيئة التشريعية والرقابية وبما يتماشى مع التعديلات على قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم ۸۰ لسنة ۲۰۰۲ وتعديلاته، بالإضافة إلى قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم ۱۹۴ لسنة ۲۰۲۰ والقوانين الأخرى ذات الصلة.
مهلة 6 شهور مهلة لتوفيق الأوضاع
وأوضح «المركزي المصري « أن الضوابط اشتملت أيضا على منح شركات الصرافة فترة توفيق أوضاع لمدة ۶ أشهر من تاريخ صدور الضوابط، وضرورة التزام الشركات بالشروط الخاصة بالاحتفاظ بالسجلات والمستندات، على أن يكون الاحتفاظ بطريقة آمنة ووجود نسح احتياطي في مكان آخر، كذلك ضرورة أن تكون سجلات العمليات كافية للسماح بإعادة تركيب العمليات الفردية بحيث يمكن أن توفر عند الضرورة دليلا ضد النشاط الإجرامي.
وألزمت الشركات بوضع النظم الداخلية المناسبة للتطبيق السليم للتشريع والضوابط الرقابية بما يشتمل على السياسات والإجراءات الواجب توافرها لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع مراجعة هذه النظم بصفة دورية للوقوف على مدى الالتزام بتطبيقها واكتشاف مواطن الضعف أو القصور فيها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتلافيها، مع مراعاة وضع سياسة واضحة لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب معتمدة من مجلس الإدارة بغرض التطبيق السليم للتشريع والضوابط الرقابية الصادرة في هذا الشأن، مع مراعاة تحديثها بصفة مستمرة ، ووضع إجراءات تفصيلية مكتوبة لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب يراعى فيها التحديد الدقيق للواجبات والمسؤوليات بما يتفق مع السياسة المقررة في هذا الشأن والتأكد من قدرة النظم الداخلية والسياسات والإجراءات المتبعة على اكتشاف العمليات غير العادية، أو التي تتم مع عملاء مشتبه فيهم ووضعها تحت نظر المدير المسئول عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ، وكذلك وضع آلية مناسبة لفحص النظم الموضوعة لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب للتأكد من كفاءتها وفعاليتها، واقتراح ما يلزم لاستكمال ما يكون بها من نقص أو ما تحتاجه من تحديث وتطوير، ووضع آلية مناسبة للتحقق من الالتزام بالنظم الداخلية الموضوعة لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
التدريب في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
كذلك شددت الضوابط على التدريب في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بأن يتعين على الجهة وضع خطط وبرامج مستمرة - سنوياً على الأقل - لتدريب العاملين فيها بهدف زيادة كفاءتهم في الالتزام الدقيق بالقواعد والنظم المقررة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضمان اطلاعهم على التطورات الجديدة المتعلقة بالأساليب والاتجاهات العامة لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب ونظم مكافحتها، والمستجدات المحلية والإقليمية والعالمية في هذا الشأن، ويكون وضع هذه البرامج وتنفيذها بالتنسيق بين الجهة وبين وحدة مكافحة غسل الأموال، على أن يراعى ما يأتي:
والاستعانة في تنفيذ البرامج التدريبية بالمعهد المصرفي المصري أو بالمعاهد المتخصصة التي تنشأ لهذا الغرض أو يكون التدريب في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من بين أغراضها، محلية كانت أو خارجية، مع الاستفادة بالخبرات المحلية والدولية في هذا الخصوص، ويكون ذلك في إطار السياسة العامة للتأهيل والتدريب التي تضعها وحدة مكافحة غسل الأموال، وأن يتم التنسيق مع المدير المسئول عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فيما يتعلق باختيار العاملين الذين يتم ترشيحهم لحضور برامج تدريبية في هذا المجال.
المؤشرات الاسترشادية للتعرف على العمليات المشتبة فيها
كما تضمنت المؤشرات الاسترشادية للتعرف على العمليات التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال أو تمويل إرهاب، حيث يعتمد التعرف على العمليات التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال، على المعرفة الكافية للعاملين في الجهة بأحكام قانون مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية ولهذه الضوابط الرقابية فضلاً عن الخبرة المكتسبة من الممارسة والمعلومات التي تتوفر من التدريب، وفيما يأتي بعض أمثلة للعمليات التي تستلزم المزيد من العناية والفحص، للتعرف على مدى وجود اشتباه في غسل أموال التحويلات الصادرة أو الواردة بمبالغ كبيرة بما لا يتناسب مع نشاط طالب التحويل أو المستفيد.
تأثير الضوابط على شركات الصرافة ومدى فعالتها
محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، يرى أن البنك المركزي المصري يسعىى إلى وضع تدابير إضافية ملائمة تتناسب مع المخاطر الفاصلة وتطور المخاطر، سواء الدولية أو المحلية، فيما يتعلق بتمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وقال عبد العال: «خصوصاً مع قانون مكافحة غسل الأموال وقانون الجهاز المصرفي رقم ۱۷۴ لسنة ۲۰۲۲، الذي استحدث بعض الإجراءات التي كان يتعين مراعاتها في وضع ضوابط جديدة لإحكام الرقابة على شركات الصرافة، فإن البنك المركزي دائماً يسعى لمواكبة المستجدات في الإطار الدولي، وهذه نقطة مهمة في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة وأن جميع مؤسسات التصنيف والتقييم الدولية التي تتابع الدول الناشئة ومنها مصر، تنظر إلى تلك الخطة كأحد النقاط المهمة ويأتون لمتابعتها وتدقيقها، لذا فالبنك المركزي أيضًا يضع عينه على تلك النقطة وأصبح يسعى لتحديث هذه الضوابط بما يتناسب مع محدداته».
وأضاف: «المخاطر في مثل هذه الشركات الخاضعة لسيطرة البنك المركزي وإشرافه، تُعاني من كل المخاطر التي تواجهها أي مؤسسة دولية، ولكن أيضًا ممكن أن تُستخدم هذه الشركات في أغراض غير مشروعة فيما يتعلق بتمويل الإرهاب وغسل الأموال وتمويل تنشيط السلاح، وهذه نقطة تجعل البنك المركزي دائمًا يضع عينه على هذه الشركات ومخاطرها، وخصوصًا فيما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل تنشيط السلاح، موضحًا أنه رغم وجود الضوابط بالفعل إلا أن المركزي يهدف لتعميقها بما يتناسب مع المستجدات الدولية والمحلية، وهذا أمر مهم يتم تحديثه ما بين الحين والآخر».
وعن سؤاله حول ما إذا كانت هذه الضوابط وما يترتب عليها من تكاليف تتناسب مع رؤوس أموال شركات الصرافة العاملة حاليًا في السوق، أوضح عبد العال أن عدد شركات الصرافة في السوق ليس كبيرًا، حيث يقدر بحوالي ۲۶ شركة مع فروعها، ورأس مالها يصل إلى ۲۵ مليون جنيه، وهو مبلغ ليس كبيرًا مقابل الخدمات التي تقدمها هذه الشركات في تبديل العملات في بلد سياحي يشهد إقبالاً من الأجانب والعرب.
تفادي أي ثغرات كانت مُحتملة في القواعد القديمة
ومن جانبها، قالت سهر الدماطي، الخبير المصرفي، إن قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة بشأن ضوابط شركات الصرافة تهدف إلى تغيير القرارات القديمة الخاصة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل التسلح، لتفادي أي ثغرات كانت مُحتملة في القواعد القديمة. لذا، قرر البنك المركزي تحديث قانون غسيل الأموال المعمول به في شركات الصرافة وإلغاء القانون القديم.
وأوضحت الدماطي في تصريحات خاصة لـ«العقارية» أن أهم ما أتت به أو أقرت به الضوابط الجديدة هو موافقة البنك المركزي على الشخص المسؤول عن هذا الملف في شركات الصرافة، مشيرة إلى أن دور الشركات مهم في الحد من عمليات غسل الأموال والتأكد من مصدر الأموال وتجنب تزويرها.
وأكدت أنه في ظل تزايد محاولات غسل الأموال عبر البنوك أو شركات الصرافة، فإن الأخيرة قد تكون عرضة للاستغلال في عمليات تمويل الإرهاب أو غسل الأموال.
وعن احتمالية إغلاق بعض شركات الصرافة في ظل القوانين الصارمة من البنك المركزي، قالت الدماطي إن هذا أمر مستبعد، بل على العكس، من الممكن أن يزيد عدد الشركات في السوق المصرفي المصري، خاصة مع ارتفاع التحويلات التي تتم من خلال شركات الصرافة، بالإضافة إلى كثرة السائحين المتعاملين مع هذه الشركات لتبديل العملات الأجنبية.
وبشأن قلق بعض المواطنين من الضوابط والشروط الجديدة التي قد تؤدي إلى عزوفهم عن التعامل مع شركات الصرافة والتوجه للبنوك، نوهت إلى أن شركات الصرافة لا تدخل في منافسة مع البنوك، مستبعدة عزوف الأفراد من التعامل مع الشركات خاصة أنها تعمل على مدار ۲۴ ساعة، مما يوفر للعملاء فرصًا أكبر مقارنةً بالبنوك التي تعمل لفترات زمنية محدودة، مؤكدة أنه لا يوجد أي نوع من المنافسة بين البنوك وشركات الصرافة.
شركات الصرافة تعد عنصرًا هامًا جدًا في تحريك سعر الصرف
فيما قال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، عن الضوابط التي حددها البنك المركزي اليوم لشركات الصرافة: «شركات الصرافة تعد عنصرًا هامًا جدًا في تحريك سعر الصرف، لأنها الوجهة الأولى للعديد من المواطنين الذين يفضلون التعامل معها، ومن ثم فهي عادة ما تكون الأعلى في تحديد بعض القروش الإضافية لسعر الصرف أمام الجنيه المصري، وهي منتشرة على نطاق واسع ولها أهمية كبيرة في السوق المالي».
وأضاف بدرة: «حاليًا، في إطار المتابعة والمستجدات، يقوم البنك المركزي بتغيير الضوابط التي كانت سارية منذ عام ۲۰۰۸، نظرًا للتغيرات الكبيرة في أسعار الصرف، والتطورات المستمرة في السوق، ويلزم البنك الشركات بوجود ضوابط أكثر دقة، وأكثر اعتمادًا على الوسائل الإلكترونية، مع ضرورة الاحتفاظ بها بشكل أوثق، وذلك من أجل تقنين بعض المعاملات التي قد يلاحظ البنك من خلالها تغيرات أو ممارسات قد تشكل ضررًا على الدولة».
وعن تأثير هذه الضوابط على سوق الصرافة في الوقت الحالي وخلال الفترة القادمة، أوضح بدرة: «لا، ليس لها علاقة على الإطلاق، فهي إجراء روتيني أو إداري بالأساس، وهو التزام من الشركات القائمة على التعاملات في العملات النقدية والأجنبية، وهذا حفاظًا على حقوق المواطنين وحفاظًا على حقوق الدولة أيضًا، ولضبط هذه المعاملات، يلزم البنك المركزي هذه الشركات بوجود سجلات واضحة وموثقة، وبالطبع إلكترونية كذلك وهذا أمر في غاية الأهمية».
وبشأن التعليمات المتعلقة بإنشاء وحدات متنقلة خارج البنوك، قال الخبير الاقتصادي: «هذا القرار في غاية الأهمية، إذ يهدف إلى التيسير على المواطنين وتخفيف الضغط على الفروع، وقد بدأت البنوك بالفعل في وضع وحدات إلكترونية في بعض نقاط الضغط الكبيرة جدًا على البنوك أو الفروع، من أجل تحسين مستوى الخدمات وتيسير الوصول إليها، فقد تكون لدى المواطن رغبة في دخول وحدة سريعة لإجراء تحويل مالي أو ما شابه، في أقرب نقطة ممكنة، بعيدًا عن ازدحام الفروع»