قبل أيام قليلة من اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، المقرر الأسبوع المقبل، تلقى صناع القرار في واشنطن تحدياً جديداً مع صدور بيانات التضخم لشهر أغسطس، والتي كشفت عن تسارع غير متوقع في وتيرة ارتفاع الأسعار، مما يزيد من تعقيد القرار المتوقع بشأن خفض أسعار الفائدة.
ووفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 2.9% على أساس سنوي، وهو أعلى معدل تضخم منذ يناير الماضي، مقارنة بنسبة 2.7% تم تسجيلها في شهري يونيو ويوليو، أما على أساس شهري، فقد زادت الأسعار بنحو 0.4%، جاء معظمها من ارتفاع تكاليف الإسكان والطعام والوقود.
أما معدل التضخم الأساسي -الذي لا يشمل أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة- فقد سجل قفزة إلى 3.1%، مقارنة بـ0.2% فقط في الشهر السابق، وهو كذلك الأعلى منذ بداية العام.
بين التضخم والتباطؤ الاقتصادي
تأتي هذه الأرقام في وقت يشهد فيه سوق العمل الأمريكي مؤشرات على التباطؤ، مع انخفاض في وتيرة التوظيف، ما يضع البنك المركزي أمام معادلة صعبة: التضخم يعود إلى الارتفاع، بينما النمو الاقتصادي يفقد زخمه. وهو ما يضع الهدفين الأساسيين للفيدرالي – استقرار الأسعار وتحقيق أقصى توظيف – في مسار تصادمي.
الأسواق تنتظر خفضاً.. ولكن هل الوقت مناسب؟
رغم بيانات التضخم المرتفعة، تتوقع الأسواق المالية – بحسب أداة "CME FedWatch" – أن يقدم الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ ديسمبر 2024، مع ترجيحات شبه مؤكدة لخفض بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، وعدم وجود أي توقعات بالإبقاء على المعدلات دون تغيير.
لكن محللين اقتصاديين حذروا من أن المضي في هذا التوجه، مع اقتراب التضخم من 3%، قد يُضعف مصداقية الفيدرالي بشأن التزامه بهدف التضخم البالغ 2%. كما قد يُمهّد لمرحلة طويلة من التضخم المرتفع إذا لم تُتخذ إجراءات أكثر حذراً.
ضغوط متزايدة على الأسعار
ورغم بعض التراجع في التضخم خلال الأشهر الماضية، عادت الضغوط مؤخراً بسبب ارتفاع أسعار الغذاء المستورد والطاقة، واستمرار أزمة ارتفاع تكاليف السكن. ومع هذه المستجدات، تبدو مهمة الفيدرالي في ضبط الاقتصاد أكثر صعوبة، خاصة إذا اختار البدء بتيسير السياسة النقدية دون انتظار إشارات أوضح من جانب التضخم.