نيبال على شفا الانهيار.. القصة الكاملة للاحتجاجات الشعبية وسحل أعضاء الحكومة وفرار السجناء


الجريدة العقارية الاربعاء 10 سبتمبر 2025 | 10:33 مساءً
أحداث نيبال
أحداث نيبال
محمد عاشور

في مشهد غير مسبوق، شهدت نيبال خلال الساعات القليلة الماضية أزمة سياسية وأمنية حادة بعد استقالة رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي، إثر احتجاجات شعبية واسعة اندلعت على خلفية الفساد المستشري وعدم المساواة الاقتصادية، وأسفرت المظاهرات التي قادها شباب يُعرفون باسم «الجيل زد»، عن سقوط عشرات القتلى وإصابات كثيرة، وتدمير مبان حكومية ومحاكم ومقار رسمية، مما دفع الجيش إلى التدخل ونشر قواته في شوارع العاصمة كاتماندو لفرض النظام وحماية الممتلكات العامة والخاصة.

وتصاعدت الاضطرابات بشكل كبير بعد أن أقدمت الحكومة على حظر 26 منصة للتواصل الاجتماعي، بما في ذلك «واتساب - فيسبوك - انستجرام»، في خطوة اعتبرها المتظاهرون انتهاكًا لحرية التعبير وزيادة في الغضب الشعبي، ومع اشتداد الاحتجاجات، اندلعت حرائق في البرلمان والمحكمة العليا ومنازل مسؤولين سابقين وحاليين، وأغلقت مطارات وفُرض حظر تجول، في ظل حالة من الفوضى السياسية التي لم تعرف نيبال لها مثيلًا منذ إعلانها جمهورية ديمقراطية عام 2008.

 حظر 26 منصة للتواصل الاجتماعي في نيبال

وصلت الأزمة إلى السجون، حيث تمكن ما يقرب من 7000 سجين من الفرار بعد اندلاع حرائق وأعمال عنف داخل السجون، فيما أطلقت قوات الأمن النار على بعضهم، ما أسفر عن سقوط قتلى، بينهم قاصرين، وقد أضرت هذه الأحداث بالبنية الأمنية والاقتصادية للبلاد، وأظهرت حجم الفجوة بين السلطات والشعب، خاصة مع استمرار الفساد وانعدام الثقة في المؤسسات الرسمية.

أحداث نيبالأحداث نيبال

ووسط هذه الفوضى، تصاعدت الدعوات لتشكيل حكومة مؤقتة بقيادة شخصيات قضائية بارزة، مع دعم بعض المتظاهرين لرئيسة القضاة السابقة سوشيلا كاركي لتولي المسؤولية، بينما ظل الجيش يشكل اللاعب الرئيسي في إدارة الأزمة ومحاولة الحفاظ على استقرار البلاد، وتبقى نيبال على حافة المجهول، مع استمرار حالة التوتر والفوضى التي تهدد مستقبل الدولة واستقرارها السياسي والاجتماعي.

وذكر مصدر عسكري أن الجيش نشر قواته في شوارع العاصمة كاتماندو منذ صباح اليوم، وطالب المواطنين بتسليم أي أسلحة أو ذخيرة بحوزتهم، محذرًا من اتخاذ إجراءات صارمة بحق أي شخص يُضبط وهو يخزن أسلحة أو ذخيرة، فيما يسود الغموض حول القيادة السياسية للبلاد بعد استقالة رئيس الوزراء ووزرائه وترك الحكومة المتبقية لتصريف الأعمال فقط دون تحديد زعامة واضحة.

وأفادت مصادر محلية، أن الاحتجاجات قادها شباب النيباليين ضمن حركة تعرف باسم «الجيل زد»، الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بإنهاء الفساد ورفع القيود على منصات التواصل الاجتماعي وإجراء انتخابات مبكرة لتملأ الفراغ السياسي، مؤكدين رغبتهم في مشاركة قيادات قضائية سابقة لقيادة حكومة مؤقتة حتى استقرار الوضع السياسي.

أحداث نيبالأحداث نيبال

ترشيح سوشيلا كاركي لتولي رئاسة حكومة مؤقتة

أجرى زعماء حركة الاحتجاج محادثات مع المسؤولين العسكريين، اليوم، حيث أعلنوا دعمهم لترشيح سوشيلا كاركي، رئيسة القضاة السابقة في نيبال، لتولي رئاسة حكومة مؤقتة، وأكدت كاركي في تصريحات تلفزيونية استعدادها لتولي هذه المسؤولية، مشددة على أن أي خطوات يجب أن تكون بالتنسيق مع السلطات الرسمية والحفاظ على وحدة البلاد وربط غزة بالضفة إذا ما كان الأمر متعلقًا بالشؤون الإقليمية.

وأدى حظر الحكومة النيبالية 26 منصة للتواصل الاجتماعي إلى عزل نحو مليوني عامل نيبالي في الخارج عن عائلاتهم، مما زاد من حدة الاحتجاجات وأدى إلى تفاقم التوتر الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، حيث يعتبر قطاع تحويلات العمال من المصادر الاقتصادية الحيوية لنيبال.

أحداث نيبالأحداث نيبال

وأشعل المتظاهرون النار في البرلمان والمحكمة العليا ومقرات الحكومة، وأحرقوا سينغها دوربار، مقر الحكومة النيبالية، وألحقوا أضرارًا بالعديد من المباني الحكومية والفنادق والمطارات، بينما واجهت القوات الأمنية الاحتجاجات بعنف باستخدام الذخيرة الحية والرصاص المطاطي ومدافع المياه، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، وأدى إلى سقوط حوادث وفاة بين القاصرين في دار رعاية الأحداث.

هروب 7000 سجين

في تطور صادم، شهدت البلاد هروب ما يقرب من 7000 سجين من مختلف السجون نتيجة اندلاع حرائق وأعمال عنف متعمدة، حيث تمكن 471 سجينًا من الفرار من سجن سيندهولي، بينهم 43 امرأة، كما فر 500 سجين آخر من سجن في منطقة نوالباراسي، وتمكنت قوات الأمن الهندية من القبض على خمسة هاربين بالقرب من الحدود الهندية النيبالية، فيما استمرت الاضطرابات داخل السجون، بما فيها دار رعاية الأحداث في نوباستا، حيث أطلقت قوات الأمن النار على خمسة قاصرين أثناء محاولتهم الاستيلاء على أسلحة، ما أسفر عن مقتلهم.

وأدى العنف والتخريب إلى إغلاق مطار تريبهوفان الدولي مؤقتًا قبل إعادة فتحه في وقت لاحق من المساء، كما أصدرت السلطات أوامر بنشر الجيش في مختلف المدن وفرض حظر تجول شامل، واتخاذ إجراءات طارئة لحماية المواطنين والممتلكات الحكومية والخاصة، في ظل استمرار احتجاجات الشباب رغم التدابير الأمنية المشددة، في محاولة للسيطرة على الفوضى.

أحداث نيبالأحداث نيبال

وأكد محللون سياسيون أن نيبال تواجه واحدة من أكبر أزماتها في تاريخها الحديث، إذ تهدد الاحتجاجات واستمرار العنف بانهيار منظومة القانون والنظام واستقرار المؤسسات الحكومية، بينما يزداد الغضب الشعبي بسبب الفساد المستشري وسوء الأوضاع الاقتصادية، مما يخلق تحديًا غير مسبوق للقيادة السياسية والجيش على حد سواء.

الجيل زد

في الوقت ذاته، حاول المتظاهرون تنظيم أنفسهم ضمن ما عرف بـ«الجيل زد» للحفاظ على جانب من النظام، حيث طلبوا من أتباعهم المساعدة في تنظيف العاصمة بعد أعمال التخريب، مؤكدين أن هدفهم الاحتجاج السلمي وإعادة بناء مؤسسات الدولة بطريقة شفافة وديمقراطية، رغم استمرار أعمال العنف والعشوائية التي أدت إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة في كاتماندو ومدن أخرى.

وبينما تنتظر نيبال قرارات الجيش وخطوات الحكومة المؤقتة، يبقى الوضع متأزمًا للغاية، مع استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاجتماعي، وعدم وضوح القيادة، مع توقع استمرار التوترات والمفاوضات بين المتظاهرين والسلطات لتحديد مستقبل البلاد واستعادة النظام واستقرار الدولة.