انقلب السحر على الساحر.. افتتاح سد النهضة يفضح إثيوبيا والسر في خرسانة السد | تفاصيل


خبير يكشف عن مخاطر سد النهضة بعد افتتاحة

الثلاثاء 09 سبتمبر 2025 | 03:43 مساءً
افتتاح سد النهضة
افتتاح سد النهضة
مصطفى محمد

افتتاح سد النهضة، كشف الدكتور رشاد حامد، مستشار منظمة اليونسيف لتحليل البيانات، عن الاستعراض والمخاطرة الذي استخدمتهم إثيوبيا، عند افتتاح سد النهضة، أمس الإثنين، عندما عرضت صورة تدفق المياه من أعلى سد النهضة، مؤكدًا أنها غامرت بأمان السد، وأرسلت رسالة سلبية للخبراء والمتخصصين.

افتتاح سد النهضة

وأكد الدكتور رشاد حامد أن إثيوبيا أغلقت جميع فتحات السد لعدة أسابيع، بينما استمر تدفق مياه النيل الأزرق بمعدلاته الموسمية المعتادة، حتى تراكمت المياه في الخزان وتجاوزت المنسوب الأقصى، ووصلت المياه لمستوى المفيض غير المتحكم فيه، وظهر في احتفال أمس، وذلك يحمل في طياته مخاطر كبيرة.

افتتاح سد النهضةافتتاح سد النهضة

وأضاف رشاد حامد أن ملء الخزان بالكامل دون تشغيل مستمر للتوربينات يُعد تصرفًا عالي الخطورة، مشيرًا إلى أن أي خلل مفاجئ قد يتطلب تفريغًا سريعًا، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للسودان بموجة مائية مدمرة.

تتدفق المياه من أعلى السد

وقال الدكتور رشاد حامد عن المخاطر التي كشفها سد النهضة في احتفالية أمس الاثنين: "صورة المياه المتدفقة من أعلى سد النهضة: بين الاستعراض والمخاطرة في محاولة لإضفاء طابع درامي على افتتاح سد النهضة، اختارت إثيوبيا مشهدًا بصريًا مثيرًا تظهر فيه المياه وهي تتدفق من أعلى السد، لكنها بذلك غامرت بأمان السد، وأرسلت رسالة سلبية للخبراء والمتخصصين".

وتساءل الدكتور رشاد حامد "كيف امتلأ السد حتى حافته القصوى رغم أن الفيضان كان عاديًا؟"، مؤكدًا أنه "وفقًا للتصميم الهندسي المعلن، يحتوي سد النهضة على مفيض غير متحكم فيه (Uncontrolled Spillway)، صُمم ليعمل فقط في حالات الفيضان النادرة التي تحدث مرة كل 100 عام أو أكثر".

افتتاح سد النهضةافتتاح سد النهضة

وتابع الدكتور رشاد حامد أن "المنسوب الأعلى للمياه الذي يمكن أن يصل إليه السد 642.3 مترًا، لا يُتوقع حدوثه إلا مرة كل 10,000 سنة، ورغم أن فيضان هذا العام لم يكن استثنائيًا، شهد السد تدفقًا من هذا المفيض، مما يثير تساؤلات حول ما حدث".

إغلاق جميع فتحات السد

وعما فعلته إثيوبيا في السد، قال الدكتور رشاد حامد: "قامت بإغلاق جميع فتحات السد (التوربينات، بوابات المفيض، والبوابات السفلية) لعدة أسابيع، بينما استمر تدفق مياه النيل الأزرق بمعدلاته الموسمية المعتادة، ونتيجة لذلك، تراكمت المياه في الخزان حتى تجاوزت المنسوب الأقصى 640 مترًا، ووصلت إلى مستوى المفيض غير المتحكم فيه، مما أدى إلى تدفق المياه من أعلى السد في مشهد يشبه "هدار مياه" ضخم، لكنه يحمل في طياته مخاطر كبيرة".

وأشار رشاد حامد إلى "مخاطر التخزين الكامل في هذه المرحلة المبكرة"، مؤكدا أن "سد النهضة لم يدخل بعد مرحلة التشغيل الكامل، والتوربينات لم تُستكمل، وما تم تركيبه، ويعمل جزئيًا فقط، والبنية الخرسانية لم تُختبر بعد تحت ضغط التخزين الطويل".

تصرف عالي الخطورة في سد النهضة

كما حذر الدكتور رشاد حامد من عدم اختبار مقاومة سد النهضة، فقال: "لم يتم التحقق من مقاومة السد لاحتمالات الانقلاب، والانزلاق، أو التشققات، وهي اختبارات لا يمكن التأكد منها إلا بعد سنوات من التشغيل الفعلي، لذا، فإن ملء الخزان بالكامل دون تشغيل مستمر للتوربينات يُعد تصرفًا عالي الخطورة، إذ أن أي خلل مفاجئ قد يتطلب تفريغًا سريعًا، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للسودان بموجة مائية مدمرة".

وعن دلالة عمل المفيض غير المتحكم فيه، قال الدكتور رشاد حامد: "هذا المفيض صُمم ليُستخدم فقط في حالات الطوارئ النادرة، لذا فإن وصول المياه إليه يُعد فشلًا تشغيليًا واضحًا".

افتتاح سد النهضةافتتاح سد النهضة

وأضاف "فنيًا: يعني أن السد تجاوز السعة الآمنة. وهندسيًا: فإن تدفق المياه من أعلى جسم السد مباشرة يؤدي إلى تآكل جوانب الخرسانة، ويمثل ضغط غير معتاد على البنية الرأسية؛ مع إضعاف تدريجي لمناطق لم تُصمم لتحمل تدفقات متكررة، لذلك، يتجنب المصممون تمامًا استخدام هذا النوع من المفيض إلا في حالات نادرة جدًا".

تشغيل سد النهضة لم يتم وفقًا لقواعد الملء والتصريف الآمن

وأكد الدكتور رشاد حامد أن "الرسالة التي أرسلتها إثيوبيا، رغم أن المشهد كان مبهرًا إعلاميًا، إلا أنه حمل رسالة واضحة للخبراء تؤكد أن التشغيل لم يتم وفقًا لقواعد الملء والتصريف الآمن، حيث طغت الاعتبارات السياسية والإعلامية على مبادئ الأمان الفني والهندسي".

وأختتم الدكتور رشاد حامد قائلًا: "الخلاصة، مشهد تدفق المياه من أعلى سد النهضة يوم افتتاحه ليس إنجازًا هندسيًا كما روجت له بعض وسائل الإعلام، بل هو مؤشر على خلل في إدارة التشغيل، أو تعمد لتجاوز قواعد السلامة الهيدرولوجية من أجل استعراض بصري، وفي ظل أن السد لم يتجاوز بعد عمره التشغيلي الكافي بعد الملء الأول، فإن هذا التصرف يثير مخاوف جدية بشأن سلامة البنية الخرسانية، ومدى التزام الجهات المشغلة بمعايير التشغيل الآمن".