في خطوة جديدة نحو توسيع استثماراتها في إفريقيا، كشفت بيانات مكتب الصرف المغربي عن تصدر الإمارات العربية المتحدة قائمة المستثمرين الأجانب في المملكة خلال العام الجاري، بعدما بلغت حصتها من الاستثمارات الأجنبية المباشرة 18.9%، أي ما يعادل 3.1 مليارات درهم مغربي، مسجلة بذلك ارتفاعاً سنوياً بنسبة 57.8%.
ويأتي هذا التحول اللافت بعد تراجع ملحوظ في تدفقات الاستثمار الفرنسي بأكثر من 8 مليارات درهم، مما أدى إلى تراجع باريس عن مركزها التقليدي. في المقابل، صعدت ألمانيا إلى المرتبة الثانية باستثمارات بلغت 2.1 مليار درهم، تلتها الصين بـ2.05 مليار درهم.
كما أظهرت الأرقام الرسمية ارتفاع صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 16.3 مليار درهم، بزيادة قدرها 5.6 مليارات درهم مقارنة بسنة 2023.
العقار والصناعة في صدارة القطاعات الجاذبة
ووفقاً للبيانات، تصدّر القطاع العقاري قائمة القطاعات الأكثر جذباً للاستثمار الأجنبي بحصة بلغت 45.4%، متقدماً على قطاع الصناعات التحويلية الذي استحوذ على 45.2%، في دلالة على استمرار تركّز الاستثمارات في البنية التحتية والتصنيع.
العلاقات المغربية الإماراتية تعزز ثقة المستثمرين
قال عبد الرزاق الهيري، المحلل الاقتصادي ومدير مختبر «تنسيق الدراسات والأبحاث» بكلية الاقتصاد في فاس، إن هذا التوجه يعكس متانة العلاقات السياسية والاقتصادية بين المغرب والإمارات، ويؤكد جاذبية الاقتصاد المغربي أمام رؤوس الأموال الخليجية، خاصة الإماراتية.
وأضاف أن هذا التصدر من شأنه تعزيز مكانة المملكة كشريك موثوق في المنطقة، ويفتح المجال أمام تعاون طويل الأمد.
دعوات لتنويع القطاعات وتقوية العائد المحلي
من جانبه، شدد رشيد الساري، رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، على أن البيانات تكشف تحولاً بنيوياً في خريطة الاستثمار الأجنبي بالمغرب، مشيراً إلى أن المملكة لا تزال دون مستوى تطلعاتها الاستثمارية الكاملة.
وتوقع الساري أن تكون سنة 2025 محطة حاسمة في إعادة تشكيل الهيكل الاستثماري، مما قد يجعلها سنة استثنائية.
لكنه دعا إلى ضرورة تنويع القطاعات الاستثمارية وعدم الاكتفاء بالعقار والصناعة التحويلية، مشيراً إلى أن تحويل الأرباح للخارج يقلل من الأثر الاقتصادي المباشر، رغم الفوائد غير المباشرة مثل نقل التكنولوجيا وتقليص عجز ميزان الأداءات.
استثمارات إماراتية متصاعدة
ويُنظر إلى تصدر الإمارات لقائمة المستثمرين الأجانب في المغرب على أنه تحول استراتيجي في تدفق رؤوس الأموال إلى المملكة، ويعكس مناخاً استثمارياً متزايد الجاذبية في ظل مشاريع البنية التحتية الكبرى وتنامي الدور الإقليمي للمغرب في شمال إفريقيا.