قال مسؤولان في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء، إن المخاوف المتزايدة بشأن تراجع سوق العمل تعزز احتمالات لجوء البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد وموازنة الضغوط التضخمية مع الحفاظ على استقرار الوظائف.
وأكد كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، في مقابلة مع شبكة CNBC، أنه يرى ضرورة خفض أسعار الفائدة في الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية المقرر عقده يومي 16 و17 سبتمبر، مشيرًا إلى أن التحرك المبكر قبل تدهور سوق العمل سيكون أكثر فاعلية، مضيفًا أن هذا الخفض لن يرسم مسارًا محددًا مسبقًا للسياسة النقدية، لكنه قد يفتح المجال أمام تخفيضات متعددة خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، بحسب تطورات البيانات الاقتصادية.
من جانبه، صرح رافائيل بوستيك، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، أن التباطؤ الواضح في سوق العمل يجعل خفض الفائدة خيارًا مناسبًا، مرجحًا أن يتم تخفيض بمقدار 25 نقطة أساس خلال الفترة المتبقية من هذا العام، دون تحديد موعد بعينه.
ويُنظر إلى اجتماع سبتمبر على نطاق واسع باعتباره شبه محسوم لخفض ربع نقطة مئوية، ما قد يضع النطاق المستهدف لأسعار الفائدة بين 4.25% و4.5%، ويستند هذا التقدير إلى تصريحات سابقة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر جاكسون هول بولاية وايومنج، حين ألمح إلى أن التوازن المتغير للمخاطر قد يستدعي تعديل الموقف النقدي الحالي.
ورغم أن التضخم لا يزال مرتفعًا، يشير اقتصاديون إلى أن جزءًا من الضغوط التضخمية ناتج عن التعريفات الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات.
ووفق تقرير جديد صادر عن مختبر الميزانية بجامعة ييل، فإن ما بين 61% و80% من التعريفات الجديدة لعام 2025 انعكس بالفعل على أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، وهو ما يفاقم الضغوط على المستهلكين.
وفي المقابل، تتزايد المؤشرات على تباطؤ سوق العمل، حيث كشف تقرير حكومي حديث، استند إلى مسح فرص العمل ودوران العمالة (JOLTS)، عن تراجع عدد الوظائف الشاغرة بمقدار 176 ألف وظيفة في يوليو ليصل إلى 7.181 مليون، وهو ما جاء أدنى من توقعات الاقتصاديين.
وقال ألبيرتو مسلم، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، خلال مشاركته في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إنه رفع تقييمه للمخاطر السلبية المرتبطة بسوق العمل بعد ملاحظة تراجع بعض مؤشرات التوظيف الأساسية، بينما خفض تقييمه لمخاطر التضخم المستمر فوق المستويات المستهدفة، مشيرًا إلى أن تأثير التعريفات الجمركية على التضخم ما يزال محدودًا حتى الآن.
وأضاف مسلم أنه يتوقع بعض التدهور المعتدل في سوق العمل خلال الفترة المقبلة، مع ضغوط تضخمية قصيرة الأجل ناجمة عن الرسوم الجمركية، قبل أن تعود معدلات التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ 2% بحلول أواخر عام 2026.
ويؤكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، ومن بينهم والر ومسلم، أن تأثير الرسوم الجمركية سيكون مؤقتًا وسيتلاشى تدريجيًا، ما سيسمح بانحسار الضغوط السعرية وعودة التضخم إلى المستويات المستهدفة.