تواجه بريطانيا أزمة مالية متصاعدة بعد أن قفزت عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل إلى مستويات لم تشهدها منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، بالتوازي مع تراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار، ما وضع حكومة كير ستارمر أمام تحديات قاسية لاستعادة ثقة المستثمرين.
سجل العائد على السندات لأجل 30 عاماً نحو 5.69%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1998، بينما هبط الجنيه الإسترليني بأكثر من 1% ليصبح الأضعف بين العملات الرئيسية. وترافق ذلك مع تراجع مؤشر "فوتسي 100" بنحو 0.5%، ما يعكس حالة القلق في الأسواق.
أزمة مالية تلوح في الأفق
تشير البيانات إلى أن بريطانيا أصبحت صاحبة أعلى عائد على السندات القياسية لأجل عشر سنوات بين دول مجموعة السبع، وهو ما يعقد مهمة وزيرة الخزانة راشيل ريفز التي تسعى إلى سد فجوة في الموازنة تُقدّر بـ35 مليار جنيه إسترليني عبر خفض الإنفاق أو رفع الضرائب. المهمة تبدو أكثر صعوبة سياسياً بعد أن اضطرت الحكومة مؤخراً إلى التراجع عن إصلاحات في نظام الرعاية الاجتماعية تحت ضغط من البرلمان.
خبراء الاقتصاد يرون أن المملكة المتحدة ستجد نفسها مضطرة إلى زيادة الضرائب قريباً للالتزام بالقواعد المالية، حيث ترتفع تكاليف الاقتراض بشكل متسارع، مما يفرض ضغوطاً إضافية على رئيس الوزراء ستارمر وحكومته.
مخاوف من تكرار سيناريو 2022
التطورات الأخيرة أعادت للأذهان انهيار الأسواق البريطانية عام 2022 في عهد رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس، حين شهدت السندات عمليات بيع مكثفة قفزت بالعوائد بشكل حاد. ورغم أن وتيرة الصعود الحالي أبطأ، إلا أن بعض المستثمرين حذروا من ما أسموه "لحظة ستارمر"، في إشارة إلى احتمالية فقدان الحكومة الجديدة السيطرة على ثقة الأسواق.
وتستعد بريطانيا لإصدار سندات جديدة بقيمة 14 مليار جنيه تستحق في 2035، ما يزيد من مخاطر الضغط على السوق وسط ضعف شهية المستثمرين التقليديين مثل صناديق التقاعد.
الإسترليني تحت الضغط
من جانب آخر، تعرض الجنيه الإسترليني لموجة بيع قوية مع افتتاح التداولات، وسط توقعات بمزيد من التراجع خلال الأسابيع المقبلة، حيث باتت العملة البريطانية هدفاً للمستثمرين القلقين بشأن آفاق الاقتصاد المحلي والسياسات المالية للحكومة.
ويؤكد خبراء الأسواق أن استمرار موجة الصعود في عوائد السندات قد يجبر الحكومة على اتخاذ خطوات أكثر صرامة تشمل تقليص الإنفاق العام، في وقت تزداد فيه المخاوف من دخول البلاد في مرحلة مالية حرجة.