سجلت السيولة النقدية في الاقتصاد السعودي، والمعروفة بمفهوم عرض النقود ن3، أعلى مستوياتها على الإطلاق خلال الأسبوع المنتهي في 21 أغسطس الجاري، لتصل إلى نحو 3.168 تريليون ريال، مقارنة بـ3.152 تريليون ريال في الأسبوع السابق، وفقًا لبيانات البنك المركزي السعودي (ساما).
السيولة النقدية في السعودية
أظهرت البيانات أن عرض النقود ارتفع بنسبة 0.54% خلال أسبوع واحد، فيما بلغت نسبة الزيادة منذ بداية العام الجاري نحو 8.45%، وهو ما يعكس النمو المتواصل للسيولة في الاقتصاد المحلي.
ويشمل عرض النقود ن3 مجموع النقد المتداول خارج المصارف، والودائع تحت الطلب، والودائع الزمنية والادخارية، إضافة إلى الودائع الأخرى شبه النقدية، التي تتضمن ودائع المقيمين بالعملات الأجنبية، والودائع مقابل اعتمادات مستندية، والتحويلات القائمة، وعمليات إعادة الشراء (الريبو) المبرمة بين المصارف والقطاع الخاص.
أسباب النمو
أشارت تقارير إلى أن الزيادة الأخيرة في السيولة جاءت أساسًا من نمو الودائع الزمنية والادخارية، التي جذبت اهتمام المتعاملين في ظل بقاء أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة رغم خفضها بمقدار 100 نقطة أساس منذ سبتمبر 2024، وفقًا لصحيفة "الاقتصادية".
وتزامن هذا الارتفاع مع صعود متوسط سعر الفائدة بين البنوك لآجل ثلاثة أشهر إلى 5.46%، ما عزز توجه الأفراد والمؤسسات نحو الودائع ذات العائد، مقابل تراجع الودائع تحت الطلب التي لا تقدم فوائد، وهو ما عكس حركة نزوح واضحة للأموال نحو أدوات الادخار المربحة.
وكان البنك المركزي السعودي قد قرر خفض معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) ومعدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) بواقع 25 نقطة أساس ليبلغا 450 و500 نقطة أساس على التوالي، وذلك تماشيًا مع توجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بحكم ارتباط الريال السعودي بالدولار.
وترى الأوساط الاقتصادية أن هذه المستويات القياسية للسيولة تعكس حيوية الاقتصاد السعودي ونشاطه، بما يسهم في تحفيز النمو ورفع معدلات التوظيف وتقليص نسب البطالة، إضافة إلى دعم مستويات الدخل والأجور.
على صعيد مكونات عرض النقود خلال الأسبوع الماضي، تراجع عرض النقود ن1 – المكوّن من النقد المتداول خارج المصارف والودائع تحت الطلب – بنسبة 0.30% مقارنة بالأسبوع السابق، كما سجل انخفاضًا بلغ 0.76% منذ مطلع العام.
في المقابل، ارتفع عرض النقود ن2 – الذي يضم النقد المتداول خارج المصارف، والودائع تحت الطلب، والودائع الزمنية والادخارية – بنسبة 0.44% على أساس أسبوعي، وبنحو 8.95% منذ بداية 2024.
وخلال العقود الثلاثة الماضية، واصل عرض النقود ن3 تسجيل نمو سنوي متصاعد، حيث تضاعف بأكثر من عشر مرات منذ عام 1993، عندما بلغ 228 مليار ريال فقط، ليغلق عام 2023 عند 2.685 تريليون ريال.
وخلال الفترة من 1993 وحتى 2008، ظل عرض النقود دون حاجز التريليون ريال، لكنه تجاوزه في 2009 ليبلغ 1.029 تريليون ريال، ثم واصل الصعود متجاوزًا مستوى التريليوني ريال للمرة الأولى في عام 2020 مسجلًا 2.009 تريليون ريال، قبل أن يواصل مساره التصاعدي حتى بلغ مستوياته التاريخية الحالية.