أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، أن الموضوع الأساسي المطروح اليوم على طاولة البحث هو "حصر السلاح"، مشيرًا إلى أن هذا الملف تم تضمينه بشكل واضح ضمن الورقة الأميركية التي باتت تُعرف إعلاميًا بـ"ورقة باراك"، والتي قدمها المبعوث الأميركي توم باراك، في سياق الجهود المبذولة لتثبيت اتفاق خفض التصعيد الموقع بتاريخ 24 تشرين الثاني الماضي.
وفي شرح لتفاصيل المباحثات، أوضح الرئيس في مداخلة مع قناة العربية، أن السفير باراك حضر إلى لبنان في وقت سابق، حاملًا معه مقترحًا قال إنه مبني على الاتفاقية المذكورة، والتي كانت الحكومة السابقة قد وافقت عليها بكل أطيافها. وأضاف: "قال لنا السفير إنهم جاؤوا لمساعدتنا في تطبيق الاتفاق، وسأل: كيف يمكننا أن نساعد؟ ثم عاد لاحقًا إلينا حاملاً ورقة مكتوبة، وصفها بـ'لائحة أفكار' تُعتبر بمثابة خارطة طريق لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار".
أشار الرئيس إلى أن هذه الورقة خضعت لدراسة معمّقة من قبل الرؤساء الثلاثة (رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، ورئاسة مجلس النواب)، وتم تشكيل لجنة خاصة لمتابعة هذا الملف. وأضاف: "قمنا بوضع ملاحظات على الورقة، ثم أُعيدت إلينا بردود أمريكية، وبعدها أرسلنا ملاحظات إضافية. ومع تطور التفاوض والمراجعات المتبادلة، تحوّلت الورقة فعليًا إلى ورقة لبنانية، بعدما أُدخلت عليها تعديلات جوهرية تعبّر عن الموقف اللبناني".
بند حاسم: "لا تنفيذ دون موافقة لبنان وسوريا وإسرائيل"
واعتبر الرئيس أن من أهم ما أُضيف إلى الورقة هو بند واضح يؤكد أن هذه الاتفاقية أو خارطة الطريق لن تكون نافذة إلا بعد موافقة الأطراف الثلاثة المعنية مباشرة: لبنان، وسوريا، وإسرائيل. كما تم تضمين الورقة مبدأ "الخطوة مقابل خطوة"، بحيث إذا لم تنفّذ خطوة ما من طرف، لا يُطلب من الطرف الآخر تنفيذ ما يقابلها.
أبرز بنود الورقة: انسحاب، تحرير، ترسيم، ووقف الضربات
الورقة في نسختها الأخيرة تتضمن أربعة بنود أساسية تمحورت حول:
الانسحاب الإسرائيلي من بعض المواقع التي تشهد توترًا ميدانيًا؛
تحرير الأسرى؛
تثبيت الحدود؛
وقف الضربات المتبادلة وعودة الاستقرار الأمني.
إضافة إلى ذلك، تم إدراج شق اقتصادي مهم يتعلق بـ إنعاش الاقتصاد اللبناني في ظل أزمته المستمرة، وشق آخر لإعادة الإعمار في المناطق المتضررة. كما تم التطرق إلى مسألة ترسيم الحدود مع سوريا، وهي نقطة ذات أهمية استراتيجية للبنان، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
إشادة بالموقف السوري
وفي هذا الإطار، ثمّن الرئيس اللبناني الموقف السوري الإيجابي تجاه ما ورد في الورقة، خصوصًا في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود والتنسيق الأمني. وأشار إلى تصريح وزارة الخارجية السورية التي قالت فيه إن "ترسيم الحدود مع لبنان والتنسيق الأمني بين البلدين من أهم الملفات، لأنها تقود إلى تعاون اقتصادي كبير بين الطرفين"، مضيفًا: "لذلك، نحن منفتحون على التعاون".
واعتبر الرئيس أن هذا الموقف السوري يعزز فرص نجاح الورقة وتطبيقها، لأن سوريا تمثّل طرفًا أساسيًا في المعادلة الحدودية والأمنية، والتقاطع في المصالح الاقتصادية والأمنية يمكن أن يُشكل دافعًا إضافيًا للتقدم في هذا المسار.
الورقة لم تُقر بعد.. والكرة في ملعب الأطراف
وختم الرئيس تصريحه بالتأكيد على أن الورقة لا تزال قيد البحث والنقاش، ولم تدخل حيز التنفيذ بعد. وقال: "هذه الورقة ليست اتفاقًا نهائيًا حتى الآن، بل هي خارطة طريق مشروطة بموافقة الأطراف الثلاثة. وقد نجحت اللجنة اللبنانية في إدخال تعديلات جوهرية تحفظ السيادة اللبنانية وتؤمن مصالح الدولة، والمطلوب اليوم هو الحفاظ على وحدة الموقف اللبناني وتكثيف العمل الدبلوماسي لمواكبة هذا المسار".