قرار أمريكي مفاجئ يربك سوق الذهب العالمي

أثارت رسالة سرية من هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، وُجّهت إلى إحدى المصافي السويسرية في 31 يوليو، حالة من الفوضى في سوق الذهب العالمية، بعدما أشارت إلى احتمال فرض رسوم جمركية على واردات سبائك الذهب. الخبر، الذي كُشف عنه يوم الجمعة، أدى إلى ارتفاع قياسي في العقود الآجلة للذهب في نيويورك، وسط ذهول المتداولين والمستثمرين حول العالم.

لكن السوق لم تلبث أن هدأت بعد أن أوضحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن السبائك الذهبية قد لا تكون مشمولة فعلياً في الرسوم الجمركية، ما أدى إلى تراجع الأسعار مجدداً بشكل سريع.

اضطراب عابر أم تهديد فعلي؟

الارتفاع المفاجئ في أسعار الذهب لم يكن مجرد رد فعل طبيعي على تغير السوق، بل كان مؤشراً على هشاشة شبكة التوريد العالمية للذهب، التي تعتمد على منظومة دقيقة من البنوك، شركات الشحن، المصافي، والمتداولين.

بحسب "روبرت جوتليب"، المدير السابق في قسم المعادن الثمينة بـ"جيه بي مورغان"، فإن ما حدث يعكس سوء فهم حكومي لطبيعة الذهب كسوق مالية معقدة وليست مجرد سلعة مادية.

فجوة الأسعار تكشف هشاشة النظام

سجّلت بورصة "كومكس" (COMEX) الأميركية سعراً تجاوز 3,530 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق، بينما انخفض السعر المرجعي في لندن بأكثر من 100 دولار، لتتشكل فجوة قياسية في التسعير بين السوقين.

لكن حتى مع هذه القفزة، لم يكن فارق السعر كافياً لتغطية الرسوم الجمركية المحتملة البالغة 39%، ما دفع العديد من المصافي وشركات التكرير إلى تعليق شحناتها إلى الولايات المتحدة مؤقتاً.

مصافي التكرير في مأزق

تلعب سويسرا دوراً مركزياً في نظام تكرير وإعادة تصنيع سبائك الذهب عالميًا. وقد حذّرت رابطة تمثل مصافي الذهب السويسرية من أن تطبيق الرسوم سيجعل من التصدير إلى السوق الأميركية غير مجدٍ اقتصاديًا، الأمر الذي يهدد بكسر سلسلة الإمداد بين مراكز مثل لندن ونيويورك.

في غضون ذلك، توقفت مصافي الذهب الآسيوية أيضاً عن توجيه شحنات جديدة نحو الولايات المتحدة.

الرهان على بدائل غير مضمونة

كانت البدائل المطروحة، مثل استيراد الذهب من كندا أو المكسيك، تبدو منطقية لتفادي الرسوم على سويسرا. لكن سياسة ترامب التجارية لا توفر ضمانات؛ إذ هدد الرئيس بفرض رسوم على تلك الدول أيضاً، مما ترك السوق في حالة ترقب وارتباك.

الآثار المحتملة على تجارة الذهب العالمية

يمتلك كل من نيويورك ولندن مخزونات من الذهب تصل قيمتها إلى أكثر من 1.1 تريليون دولار، تُستخدم كأدوات لدعم التداولات في البورصات العالمية. ومع تعطّل الحركة بينهما، يتعرض سوق الذهب لأخطار غير مسبوقة.

وفي حال استمرار التهديد بفرض الرسوم، فإن تجارة الذهب خارج البورصة (OTC) ومراكز مثل دبي ومومباي قد تشهد اضطرابات خطيرة.

هل يتراجع ترامب عن القرار؟

رغم الارتباك الذي أحدثته الرسالة، تُشير تقارير إلى أن إدارة ترامب تدرس إصدار أمر تنفيذي جديد يوضح الالتباسات حول الرسوم الجمركية، وسط ضغوط من المستثمرين وشركات الشحن والتكرير لتفادي كارثة محتملة.

ويقول "داروي كونج"، مدير السلع في مجموعة "DWS"، إن القرارات الأخيرة تؤكد أن الأسواق تواجه قواعد جديدة قد تغيّر وجه تجارة الذهب بالكامل.