بعد زيارة محمد صلاح لمعبد بوذي في اليابان.. ما حكم دخول المسلم دور العبادة غير الإسلامية؟


الثلاثاء 29 يوليو 2025 | 04:41 صباحاً
محمد صلاح في معبد بوذي
محمد صلاح في معبد بوذي
علي الشامي

أثارت زيارة النجم المصري محمد صلاح، لاعب نادي ليفربول الإنجليزي، لمعبد "إيكوين" في العاصمة اليابانية طوكيو، حالة من التفاعل الواسع والتساؤلات المتكررة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وتأتي هذه الزيارة ضمن الجولة التحضيرية التي يخوضها فريقه استعدادًا للموسم الجديد، حيث تضمنت جلسة تأمل جماعية للاعبين داخل المعبد، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة النقاش حول الحكم الشرعي لدخول المسلم دور عبادة غير إسلامية، وما إذا كانت مثل هذه الزيارة تُعد مخالفة دينية أم لا.

رأي الأزهر الشريف

يرى عدد كبير من علماء الأزهر الشريف أن دخول المسلم إلى الكنائس أو المعابد لا يُعد محرمًا بشكل مطلق، بل يعتمد الأمر في جوهره على نية الزائر والغاية من وجوده داخل هذه الأماكن.

فإذا كانت الزيارة ذات طابع اجتماعي أو ثقافي أو تعليمي، دون مشاركة في طقوس دينية أو إظهار قبول بمعتقدات تتنافى مع الإسلام، فلا حرج شرعي فيها.

واستند بعض علماء الأزهر إلى حديث النبي ﷺ: "وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، في تأكيدهم على جواز الصلاة في غير المساجد الإسلامية، ما دامت خالية من المخالفات الشرعية كالصور والتماثيل التي يُعبد بعضها من دون الله.

مع ذلك، حذر بعض العلماء من الزيارات التي تتم بلا داعٍ مشروع، خصوصًا إذا كانت بغرض السياحة أو الترفيه، إذ قد تترك في النفس أثرًا يؤدي إلى الإعجاب أو التأثر بعقائد باطلة، وهو ما يستدعي الاحتياط وعدم التساهل في هذا النوع من السلوكيات.

دار الإفتاء: الجواز مشروط بعدم مخالفة العقيدة

دار الإفتاء المصرية أكدت من جانبها أنه لا مانع شرعي من زيارة المسلم لدور العبادة غير الإسلامية، كالمعابد أو الكنائس، ما دام الهدف مشروعًا، مثل تعزيز الحوار بين الأديان، أو التعلم، أو المشاركة في مناسبة اجتماعية، بشرط عدم القيام بأي فعل يُفهم على أنه إقرار بعقيدة أخرى أو مشاركة في طقوسها.

وأوضحت الدار، في أكثر من فتوى رسمية، أن زيارة غير المسلمين أو أماكن عبادتهم جائزة بضوابط، أهمها أن تكون خالية من المخالفات العقدية، وأن يلتزم المسلم بأحكام دينه، دون أن يصدر عنه ما يُعد موافقة ضمنية على ما يخالف الإسلام.

آراء فقهية: الزيارة جائزة بشرط الانضباط

من جهته، تبنّى فريق من العلماء والفقهاء رأيًا يؤكد أن الأصل في زيارة المسلم لدور العبادة غير الإسلامية هو الجواز، بشرط ألا يكون الهدف منها محرّمًا أو يؤدي إلى مفسدة دينية.

بل ذهب بعضهم إلى أن الزيارة قد تكون مستحبة في بعض السياقات، مثل الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، أو لأغراض إنسانية ومجتمعية مثل تعزيز قيم التسامح والتعايش.

لكنهم شددوا في الوقت نفسه على ضرورة الابتعاد التام عن المشاركة في أي طقس ديني، أو القيام بأي تصرف قد يُفهم على أنه إقرار بمعتقدات غير إسلامية، مؤكدين أن هذه هي الحدود الفاصلة التي تميز الزيارة الجائزة من المحظورة.

وهكذا، تظل زيارة محمد صلاح لمعبد "إيكوين" تفتح بابًا واسعًا للجدل الفقهي والمجتمعي، وسط دعوات متكررة إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام، والتعامل مع مثل هذه المواقف بميزان النية والضوابط الشرعية، بعيدًا عن التهويل أو التهوين.