محادثات جديدة بين أمريكا والصين تحرّك الملف الجمركي.. هل يلتقي ترامب وشي قريبًا؟


الاثنين 28 يوليو 2025 | 06:40 مساءً
حرب الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية
حرب الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية
محمد شوشة

استأنف كبار المسؤولين الاقتصاديين من الولايات المتحدة والصين، اليوم الإثنين، محادثاتهم في العاصمة السويدية ستوكهولم، في محاولة لتمديد الهدنة الجمركية بين البلدين، وسط تصاعد الآمال بإمكانية التمهيد لاجتماع محتمل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج خلال الأشهر المقبلة.

حرب الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية

ويهدف اللقاء الذي عُقد في مكتب رئيس الوزراء السويدي "روزنباد" إلى تمديد الهدنة التجارية لمدة 90 يومًا إضافية، بعد أن شهدت الشهور الماضية توقفًا مؤقتًا في التصعيد بين أكبر اقتصادين في العالم.

وشارك في المحادثات من الجانب الأمريكي وزير الخزانة سكوت بيسنت، فيما ظهر نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفينج ضمن الوفد الصيني، في لقطات مصوّرة أكدت جدية الطرفين في محاولة كسر الجمود الممتد منذ سنوات.

وتواجه الصين موعدًا نهائيًا في 12 أغسطس للتوصل إلى اتفاق تعريفي دائم مع إدارة ترامب، وذلك عقب اتفاقات مبدئية تم التوصّل إليها في شهري مايو ويونيو، وضعت مؤقتًا حدًا للرسوم الجمركية المتصاعدة، وأعادت جزئيًا تدفق صادرات المعادن الأرضية النادرة.

وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي في اسكتلندا: "أود أن أرى الصين تفتح أسواقها بالكامل، ونحن نتفاوض معهم الآن ونحن نتحدث".

الرسوم الجمركية الأمريكية

في حال عدم التوصّل إلى اتفاق، قد تعود الرسوم الجمركية الأمريكية إلى مستوياتها الثلاثية السابقة، وهو ما من شأنه أن يعيد اضطراب سلاسل التوريد العالمية وربما يشعل شرارة مواجهة تجارية جديدة بين القوتين.

من جانبه، قال جاميسون جرير، الممثل التجاري الأميركي المشارك في المفاوضات، إن التوقعات بتحقيق اختراق كبير لا تزال محدودة، مضيفًا: "ما نتوقعه هو مواصلة مراجعة تنفيذ الاتفاقات القائمة، وضمان استمرار تدفق المعادن الحيوية، ووضع الأساس لعلاقات تجارية أكثر توازنًا في المستقبل"، وفقًا لشبكة CNBC.

الرسوم الجمركية على صادرات السلع الأوروبية 

تأتي هذه المحادثات في أعقاب اتفاق تجاري مهم أُبرم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوم الأحدى الماضي، يقضي بفرض تعريفة جمركية بنسبة 15% فقط على معظم صادرات السلع الأوروبية إلى السوق الأمريكية، وهو ما اعتُبر تخفيفًا كبيرًا للضغوط التجارية وفتح بابًا أمام تهدئة أوسع.

ويرى مراقبون أن تمديد هدنة الرسوم بين واشنطن وبكين قد يكون خطوة حاسمة نحو التحضير لاجتماع قمة بين ترامب وشي، يُرجّح أن يُعقد في أواخر أكتوبر أو مطلع نوفمبر، في حال استمرت الأجواء الإيجابية.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة فايننشال تايمز أن إدارة ترامب علّقت مؤقتًا بعض القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا الأمريكية إلى الصين، في محاولة لعدم عرقلة المحادثات الجارية، وتسهيل مساعي الرئيس لعقد لقاء مباشر مع نظيره الصيني.

عقبات سياسية تهدد المحادثات

في المقابل، يخطط عدد من أعضاء الكونحرس الأمريكي من الحزبين لتقديم مشاريع قوانين هذا الأسبوع تستهدف الصين بشأن ملفات حقوق الإنسان وتايوان والأقليات الدينية، ما قد يُعقّد الأجواء ويُلقي بظلاله على المفاوضات الجارية في ستوكهولم.

ويرى الخبراء أن هذه المحادثات تمثل امتدادًا لجولات سابقة أُجريت في جنيف ولندن خلال مايو ويونيو، وركّزت على تخفيف الرسوم الجمركية الانتقامية بين الطرفين، واستعادة تدفق صادرات المعادن الأرضية النادرة التي أوقفتها الصين، مقابل قيود أميركية على تقنيات متقدمة، منها رقائق الذكاء الاصطناعي.

ولم تصل المحادثات، حتى الآن، إلى القضايا الاقتصادية الهيكلية التي تُعدّ محور الخلاف بين البلدين، وعلى رأسها: اتهامات واشنطن بأن النموذج الاقتصادي الصيني المدعوم من الدولة يُغرق الأسواق العالمية بالسلع الرخيصة، واعتراضات بكين على القيود الأمنية الأمريكية المفروضة على صادرات التكنولوجيا، والتي تعتبرها محاولة لكبح طموحاتها الاقتصادية.

وقال سكوت كينيدي، الخبير في الشأن الصيني بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "كانت محادثات جنيف ولندن مجرد محاولة لإعادة العلاقة إلى مسارها، أما التفاوض الفعلي على القضايا الأساسية فلم يبدأ بعد".

وفي مؤشر على الرؤية الأمريكية الطويلة الأمد، صرّح بيسنت بأن الولايات المتحدة تأمل في أن تُعيد الصين توازن اقتصادها باتجاه الاستهلاك المحلي بدلًا من الاعتماد المفرط على التصدير، وهو ما اعتبره هدفًا استراتيجيًا لواشنطن.

المعادن النادرة

يؤكد محللون أن المفاوضات التجارية مع الصين تبقى أكثر تعقيدًا من تلك التي أجريت مع دول آسيوية أخرى، بالنظر إلى الهيمنة الصينية على المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات الدقيقة، والتي تُعد عناصر استراتيجية تدخل في تصنيع كل شيء من المعدات العسكرية إلى مكونات السيارات.

وقد استخدمت بكين هذه الموارد الحساسة كأداة ضغط فعّالة في وجه العقوبات والقيود الأمريكية، ما يفسّر الحذر الأمريكي في إدارة هذا الملف.