أكدت حركة “حماس”، أمس الجمعة، أنها لم تتلقّ أي إشعار من الوسطاء بوجود عراقيل في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية بشأن قطاع غزة، معبّرة عن دهشتها من التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي حمّل فيها الحركة مسؤولية فشل الجولة التفاوضية الأخيرة التي عُقدت في العاصمة القطرية الدوحة.
وفي تصريحات لوسائل الإعلام، قال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن الحركة تعاملت بـ”إيجابية مطلقة” مع كافة الجهود المبذولة من قبل الوسيطين، مصر وقطر، مشيرًا إلى أن بيان الدولتين حول جهود الوساطة يعكس التزامًا حقيقيًا واستمرارًا في الدفع نحو اتفاق يُنهي الحرب.
وأضاف النونو أن تصريحات ترامب لا تستند إلى أي معطى تفاوضي حقيقي، واصفًا الموقف الأمريكي بـ”المستغرب”، لا سيّما في ظل ما وصفه بـ”التقدم الواضح” في جولات التفاوض، و”التقارب الكبير” الذي أحرز مؤخرًا بشأن خرائط انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
اتهامات إسرائيلية وتصعيد أمريكي
وفي السياق نفسه، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهامًا مباشرًا لحركة حماس، متهمًا إياها بأنها السبب في تعثر التوصل إلى اتفاق حول الرهائن.
جاء ذلك بعد عودة الوفد الإسرائيلي من جولة المفاوضات في قطر، حيث أشار نتنياهو إلى أن حكومته، بالتعاون مع الإدارة الأمريكية، تدرس “خيارات بديلة” تهدف إلى استعادة الرهائن و”إنهاء حكم الإرهاب في غزة”، على حد وصفه.
وفي تصعيد لافت، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن حماس “لا تريد صفقة”، متهمًا الحركة بالسعي إلى “الموت لا الحياة”، كما هدد بشكل صريح قائلاً: “أعتقد أننا سنبدأ بمطاردتهم. لقد حان وقت إنهاء المهمة”.
وكشفت الإذاعة العامة الإسرائيلية أن واشنطن وتل أبيب تبحثان مجموعة من السيناريوهات تشمل توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة حتى السيطرة الكاملة، أو فرض حصار شامل، أو تنفيذ عمليات عسكرية خاصة بمشاركة أمريكية لتحرير الرهائن من الأنفاق.
كما يتم، وفق التقارير، مناقشة خيار ممارسة ضغوط مباشرة على الدول الوسيطة مثل قطر ومصر وتركيا لطرد قيادات حماس، أو منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستهداف قادة الحركة في الخارج، وحتى احتمال تنفيذ الولايات المتحدة ضربات مباشرة بنفسها.
رسائل مزدوجة أم تصعيد حقيقي؟
ورغم حدة التصريحات الصادرة عن الطرفين الإسرائيلي والأمريكي، لم تستبعد بعض التقارير الإسرائيلية أن تكون هذه التصريحات بمثابة أدوات ضغط ضمن السياق التفاوضي، وليست خروجًا منه، بهدف دفع حماس إلى تقديم تنازلات حاسمة قبل الدخول في مراحل أكثر تعقيدًا من الاتفاق.
في المقابل، أكدت كل من مصر وقطر، في بيان مشترك الجمعة، استمرار جهودهما المكثفة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء معاناة السكان المدنيين، مشيرتين إلى أن المفاوضات الأخيرة، والتي امتدت لثلاثة أسابيع، أحرزت بعض التقدم، وأن التعليق المؤقت للجولات الحالية هو “إجراء طبيعي” لعقد مشاورات قبل الاستئناف مجددًا.
مقترح هدنة وتعقيدات المشهد
وبدأت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل قبل أكثر من أسبوعين في العاصمة القطرية، وتتضمن مسودة الهدنة المؤقتة وقفًا لإطلاق النار مدته 60 يومًا، تتخلله عمليات تبادل تشمل الإفراج عن نصف الرهائن الإسرائيليين الأحياء و18 جثة، مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وتصر حماس على ضرورة وجود ضمانات دولية لوقف الحرب بشكل نهائي، وهو ما ترفضه إسرائيل، التي تعلن صراحة أن أحد أهداف حملتها العسكرية هو إنهاء حكم حماس في قطاع غزة وتقويض قدراتها العسكرية.
وتشن إسرائيل حربًا مفتوحة على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023، عقب هجوم مفاجئ شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص وأسر عدد من الرهائن.
وفي المقابل، تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن الحرب المستمرة أوقعت أكثر من 59 ألف شهيد، فضلًا عن تدمير واسع في البنية التحتية والمنشآت المدنية، ما جعل الوضع الإنساني في القطاع كارثيًا على كافة المستويات.