اتفاق مكلف.. اليابان تشتري رضا واشنطن بـ 550 مليار دولار


الجمعة 25 يوليو 2025 | 08:36 مساءً
اليابان وأمريكا
اليابان وأمريكا
محمد عاطف

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخلياً وخارجياً، وقّعت اليابان اتفاقاً تجارياً مع الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، يُنظر إليه على أنه غير متوازن لصالح واشنطن، لكنه جاء تتويجاً لمفاوضات مشحونة وتحت تهديدات اقتصادية صريحة.

رسوم واستثمارات ضخمة

ينص الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على السلع اليابانية المصدرة إلى الولايات المتحدة، مقابل تعهّد طوكيو بضخ استثمارات بقيمة 550 مليار دولار في قطاعات أميركية استراتيجية على مدى خمس سنوات. وتشمل هذه الاستثمارات:

200 مليار دولار في صناعة أشباه الموصلات (بناء مصانع جديدة في ولايات أمريكية).

150 مليار دولار في الطاقة المتجددة.

100 مليار دولار لدعم السيارات الكهربائية والبنية التحتية الخاصة بها.

100 مليار دولار في صناديق لدعم الشركات الناشئة الأميركية.

أسباب قبول طوكيو باتفاق "قاسٍ"

1. تجنب عقوبات أكثر حدة

الاتفاق جاء قبل أيام من موعد كانت فيه إدارة ترامب تعتزم فرض رسوم جمركية أكبر بنسبة 25%، ما كان سيشكل ضربة قاصمة لصناعة السيارات اليابانية، وهي ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، وتوظّف عشرات الآلاف داخل اليابان والولايات المتحدة.

2. الحفاظ على السوق الأميركية

تعد أميركا ثاني أكبر شريك تجاري لليابان بعد الصين، وتشكل صادرات الإلكترونيات والمكونات الدقيقة نسبة كبيرة من مبيعات اليابان للخارج. الاتفاق حافظ على هذا السوق الحيوي من دون عوائق إضافية.

3. شراء النفوذ الاقتصادي داخل أميركا

الاستثمارات الهائلة التي التزمت بها طوكيو تُعد وسيلة استراتيجية لكسب حصة أكبر في الاقتصاد الأميركي، وخلق فرص عمل تُكسبها نفوذاً سياسياً ومرونة تفاوضية مستقبلية.

الظرف السياسي الداخلي في اليابان

جاء الاتفاق في وقت حساس سياسياً، إذ تراجع دعم الحكومة بعد خسارة الأغلبية في مجلس المستشارين. ويبدو أن رئيس الوزراء الياباني سعى لاستعادة الثقة الداخلية من خلال تجنّب تصعيد تجاري قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية.

ردود الأفعال: ارتياح حذر في الأسواق

رغم الانتقادات، استقبلت الأسواق اليابانية نبأ الاتفاق بإيجابية. حيث قفز مؤشر نيكاي 225 بنسبة تفوق 3% خلال يومين، فيما ارتفعت أسهم شركات السيارات الكبرى مثل تويوتا وهوندا. ويعكس هذا صعوداً ثقة المستثمرين بأن الاتفاق أنقذ الوضع من أزمة أكبر.

تنازلات ضرورية أم خسارة مبكّرة؟

بالنظر إلى المعطيات، يبدو أن اليابان اختارت ما يمكن تسميته بـ"الخيار الواقعي"، مفضلة اتفاقاً صعباً على الدخول في حرب تجارية مفتوحة. ورغم أن الصفقة تتضمن تنازلات واضحة، إلا أنها ربما كانت الوسيلة الوحيدة لتأمين مصالحها الاقتصادية في ظل بيئة عالمية مضطربة.

طوكيو تراهن على الاستقرار طويل الأمد

الصفقة تعكس تحولاً في الاستراتيجية اليابانية، حيث فضّلت الحفاظ على موقعها التجاري والنفوذ الاقتصادي في الأسواق الأميركية، ولو على حساب بعض المكاسب القصيرة الأجل. في نهاية المطاف، قد يكون الاتفاق مكلفاً لكنه يمنح اليابان شبكة أمان تحتاجها في عالم تتزايد فيه السياسات الحمائية والمفاجآت الجيوسياسية.