قالت أسيل العارنكي، كبير محللي الأسواق في "أكيو اندكس"، إن صادرات الصين من المغناطيسيات الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة سجلت ارتفاعًا قياسيًا بنسبة 660% خلال يونيو الماضي، لتصل إلى 353 طنًا مقارنة بـ46.4 طن فقط في مايو، في انعكاس مباشر لاتفاق تجاري جديد بين بكين وواشنطن.
وأضافت العارنكي في مقابلة مع قناة "أون"، أن هذا الارتفاع جاء بعد شهرين من التراجع الحاد نتيجة القيود الصينية على التصدير، الأمر الذي تسبب في اضطراب سلاسل التوريد العالمية. ورغم أن الكمية المصدرة في يونيو أقل بنسبة 38% عن نفس الشهر من عام 2024، إلا أن ذلك يُعد تحسنًا ملحوظًا.
تأثير مباشر على الأسعار العالمية
وأشارت العارنكي إلى أن هذا التدفق الكبير في الإمدادات أدى إلى استقرار نسبي في أسعار المعادن النادرة عالميًا، بعد فترة من الارتفاع وحالة عدم اليقين. وتوقعت استمرار هذا الاتجاه في يوليو، خاصة مع تسريع إصدار التراخيص، مما قد يُفضي إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار.
الصناعات المتقدمة والمشهد الجيوسياسي
وعن تأثير هذه الخطوة على ميزان القوى في الصناعات التكنولوجية المتقدمة، أوضحت العارنكي أن بعض العناصر مثل "السماريوم"، الضروري في الصناعات العسكرية، لا يوجد لها مخزون استراتيجي سوى في الصين، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى التفاوض لتأمين إمداداتها.
وحذّرت من أن الصين قد تحتفظ بهذه المعادن كورقة ضغط استراتيجية، رغم التهدئة التجارية الحالية، معتبرة أن هذه التطورات ستُعيد تشكيل المشهد التنافسي العالمي، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
الارتباط بالتضخم وسلاسل الإمداد
وشددت العارنكي على أن استئناف تدفق المعادن النادرة من الصين يرتبط ارتباطًا وثيقًا بـجهود خفض التضخم العالمي، عبر استقرار سلاسل الإمداد وتخفيف الضغوط على تكاليف الإنتاج، خصوصًا في قطاعات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة، التي تعد من أبرز محركات النمو الاقتصادي العالمي.
تأثير على العملات
أما بخصوص العملات، فتوقعت العارنكي أن يؤدي تحسن التدفقات التجارية إلى دعم اليوان الصيني عبر زيادة الطلب عليه في الصفقات التجارية، بينما يعزز الدولار الأمريكي بفضل تخفيف الضغوط التضخمية، مما يرفع من فرص استقرار اقتصادي نسبي دون الحاجة لرفع إضافي في أسعار الفائدة.
هدنة أم بداية تعاون طويل؟
وفي ختام حديثها، رأت العارنكي أن ما يحدث حاليًا أقرب إلى "هدنة مؤقتة" في الحرب التجارية الطويلة بين أكبر اقتصادين في العالم، مشيرة إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة: تهدئة مشروطة وانتقائية – وهو السيناريو الأرجح حاليًا، انفصال تجاري منظم – تقود فيه كل دولة اقتصادها نحو مسار مستقل، تصعيد تجاري شامل – في حال عودة التوترات السياسية أو الاقتصادية.
وأكدت أن الأسواق العالمية ستراقب عن كثب التطورات، خاصة في ظل تقارير عن زيارة محتملة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الصين، وما قد تحمله من مؤشرات على مرحلة جديدة أو تصعيد جديد في العلاقات الاقتصادية.