أطلق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيرا شديد اللهجة، مؤكدا أن الأوضاع في قطاع غزة وصلت إلى مرحلة "قاتلة" بسبب الجوع ونقص المساعدات الغذائية، وأن مدنيين فلسطينيين باتوا يفقدون حياتهم يوميًا نتيجة الجوع القاتل، في ظل حصار خانق وقيود مشددة على دخول الإغاثة.
وفي بيان رسمي أصدره البرنامج اليوم، قال إن الوضع الإنساني في القطاع يتدهور بسرعة غير مسبوقة، وسط استمرار القتال وغياب الضمانات الإنسانية، الأمر الذي يجعل الوصول إلى المحتاجين مهمة شبه مستحيلة. وأضاف البيان: "الناس في غزة لا يموتون فقط بسبب القصف، بل أيضًا بسبب الجوع. لقد تجاوزنا مرحلة التحذير، وبدأنا نشهد الموت الفعلي بسبب انعدام الغذاء".
وأشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على مدنيين فلسطينيين جائعين، أثناء تجمعهم في شمال غزة بحثًا عن المساعدات الغذائية، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، في واقعة جديدة تبرز التحديات الميدانية الخطيرة التي تواجه العمليات الإنسانية في القطاع.
وأكد البرنامج أن المدنيين الذين قُتلوا أو أُصيبوا لم يكن لهم ذنب سوى أنهم كانوا ينتظرون شاحنة طعام، أو يسيرون في طابور بحثًا عن حصة غذائية تسد رمقهم ورمق أطفالهم، مشددًا على أن "الجوع لا يعرف الحدود، ولا يجوز أن يُعامل الجائع كتهديد أمني".
وفي هذا السياق، وجه البرنامج نداء عاجلًا للمجتمع الدولي، مطالبًا بتسهيل فوري وغير مشروط لدخول الغذاء والمواد الإنسانية إلى داخل قطاع غزة، وخاصة إلى المناطق الشمالية التي تعاني من شبه مجاعة.
وقال: "نحتاج إلى ممرات آمنة ودائمة لإيصال الغذاء. لا يمكننا أن نواصل العمل في ظل هذه المخاطر. لدينا فرق على الأرض تريد أن تقدم المساعدة، ولكنها عاجزة بسبب القصف والتضييق."
كما أشار البيان إلى أن كميات الغذاء المتوفرة داخل غزة محدودة جدًا وغير كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية لأكثر من مليوني شخص محاصرين منذ شهور، مؤكداً أن "أطفالاً يموتون الآن نتيجة سوء التغذية الحاد، وآباء يُجبرون على البحث عن بقايا طعام في الركام".
ودعا برنامج الأغذية العالمي إلى تحقيق دولي شفاف في الانتهاكات التي تمارس بحق الجائعين، مطالبًا بحماية العاملين في المجال الإنساني، وضمان ألا يُستخدم الغذاء كسلاح في النزاعات المسلحة، وفقًا للقانون الدولي الإنساني.
ويأتي هذا التحذير في وقت تتزايد فيه الأصوات داخل الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية في غزة، وتوفير ممرات إنسانية آمنة ومستدامة، وسط مؤشرات على تفشي المجاعة في عدة مناطق من القطاع.