شجعت المملكة العربية السعودية على الاندماج في قطاعها المصرفي لإنشاء كيانات أقوى، وقادرة على دعم دور القطاع الخاص، ومساعدة المملكة على تنويع اقتصادها. أما اليوم، ففي المملكة 30 مصرفًا محليًا ودوليًا، تخدم عدد السكان الذي يتخطى 30 مليون نسمة.
في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وافق البنك الأهلي التجاري، أكبر مصرف في المملكة، على الاندماج مع مجموعة سامبا المالية، بما سيشكل أكبر اندماج مصرفي في تاريخ المملكة العربية السعودية. ومن المقرر الانتهاء منه في النصف الأول من العام المقبل، حيث سيؤسس ثالث أكبر كيان مصرفي في العالم العربي، بأصول تبلغ قيمتها 223 مليار دولار.
فيما يأتي هذا الاندماج بعد نحو عام على اندماج البنك السعودي البريطاني، التابع لبنك (HSBC) والبنك الأول، التابع لبنك "رويال بنك أوف سكوتلاند"، الذي اكتمل في يونيو/ حزيران 2019.
في العام الماضي، أجرى بنك الرياض والبنك الأهلي التجاري محادثات أيضًا بشأن الاندماج، لكن في ديسمبر/ كانون الأول، توقفت المفاوضات. بينما لم يقدم أي منهما سببًا لإنهاء الصفقة، وقال كلاهما في إفصاحات منفصلة لسوق المال السعودي "تداول"، إن "مجلسي إدارة البنكين قررا إنهاء محادثات الاندماج الأولية، وعدم الاستمرار في دراسة الاندماج".
على الرغم من ذلك، كانت صناعة الخدمات المالية في المملكة مزدهرة عام 2019، حيث ارتفعت قيمة الأصول الإجمالية لأكبر 5 بنوك في المملكة بنسبة %16، لتصل إلى 453.2 مليار دولار. ونمت قيمة القروض والسلفيات المجمعة للبنوك بنسبة %15، لتصل إلى 270.6 مليار دولار، مع نمو بنسبة %53 في الأرباح، لتصل إلى 9.2 مليار دولار، مقارنة بـ6 مليارات دولار في 2018. وقد جاء هذا النمو وسط أجواء إيجابية في السوق على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
لكن مع عام 2020، حلت جائحة كورونا، ومثل غيرها من الدول، تأثرت المملكة سلبًا. فمع دخول الإغلاق حيز التنفيذ، وانهيار أسعار النفط، عانى أكبر مصدر للإيرادات في المملكة؛ ففي 20 أبريل/ نيسان، انخفض سعر برميل النفط الخام "غرب تكساس الوسيط" (WTI) إلى سالب 37.63 دولارًا للبرميل.
يقول طارق السدحان الرئيس التنفيذي لبنك الرياض: "علينا الإقرار أن جائحة كورونا التي غزت العالم، كان لها تأثير كبير على الأسواق العالمية واقتصادات البلدان. مما انعكس على مؤشرات أداء البنوك، سيما خلال الربع الثاني، حيث كانت عمليات الإغلاق في ذروتها". مع ذلك، يبدو أن ثالث أكبر مصرف سعودي قد تعافى بالفعل من حالة عدم اليقين بشأن الجائحة؛ إذ نمت أصوله بنسبة %4.5 هذا العام، وهو أكبر نمو في إجمالي الأصول بين جميع البنوك التجارية في المملكة خلال الربع الثالث من عام 2020 مقارنة بالربع الثاني.
وفي حين انخفضت الأرباح في القطاع بشكل عام، لم يكن للجائحة تأثير مدمر على البنوك السعودية. فلا تزال جميعها، باستثناء بنك واحد، قادرة على جني الأرباح في الربع الثاني من عام 2020، حتى مع وصول آثار الإغلاق إلى ذروتها، وتقلص اقتصاد المملكة بنسبة %7. لكن يوضح السدحان أن البنوك في المملكة، حققت التوازن الصحيح بين الصحة والسلامة واستمرارية الأعمال. ويضيف: "تحقق ذلك من خلال الاستمرار في تقديم الخدمات المصرفية دون توقف، والموازنة بين تلبية احتياجات العملاء من ناحية، والالتزام بالإجراءات والمتطلبات الوقائية من ناحية أخرى".