الرياض تخطو بخطوات متسارعة نحو الصدارة كمركز عالمي للثروة والأعمال


الاربعاء 16 يوليو 2025 | 06:13 مساءً
مدينة الرياض
مدينة الرياض
محمد خليفة

تشهد العاصمة السعودية الرياض تحولًا استثنائيًا يؤهلها لتكون واحدة من أبرز مراكز الثروة العالمية خلال السنوات المقبلة، مدعومةً برؤية المملكة 2030 التي وضعت تنويع الاقتصاد هدفًا رئيسيًا بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على النفط.

الرياض أبرز مراكز الثروة العالمية

كشف تقرير حديث لشركة «نايت فرانك» أن الرياض أصبحت بالفعل مركزًا صاعدًا ضمن سلسلة المراكز العالمية للثروة الناشئة، بفضل ديناميكية اقتصادية جذبت استثمارات محلية وأجنبية واسعة.

ووفقًا للتقرير، تحتل الرياض موقعًا متقدمًا في طليعة التحول الاقتصادي في المملكة، إذ ساعد نشاط القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في خفض معدل البطالة إلى 7% بنهاية 2024، وهو مستوى قياسي جديد.

وتشير الأرقام إلى إصدار أكثر من 160 ألف رخصة تجارية جديدة في الربع الأخير من العام الماضي، بزيادة قدرها 67% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، ما رفع عدد الكيانات التجارية المسجلة إلى نحو 1.6 مليون كيان.

برنامج المقر الإقليمي

من أبرز المبادرات التي حفّزت هذا الزخم «برنامج المقر الإقليمي»، الذي نجح في استقطاب نحو 600 شركة دولية كبرى لتأسيس مقرات إقليمية لها في العاصمة، متجاوزًا بذلك مستهدفات 2030 قبل أوانها، ومن بينها شركات عالمية مثل بكتل وبرايس ووترهاوس كوبرز ونورثرن ترست.

وأدى تدفق الشركات إلى تعزيز الطلب على العقارات التجارية من الدرجة الأولى، لتصل نسب الإشغال فيها إلى مستويات قياسية بلغت 98%، بينما ارتفعت إيجارات المكاتب الرئيسية 23% خلال عام واحد، وقفزت بنسبة 84% مقارنة بالربع الأول من 2020.

ويتوقع أن يشهد قطاع المكاتب توسعًا ملحوظًا ليتضاعف حجم المعروض من المساحات المكتبية من 5.5 مليون متر مربع حاليًا إلى نحو 9.8 مليون متر مربع بحلول 2027، مدعومًا بمشروعات البنية التحتية الحكومية وزيادة اهتمام المستثمرين المؤسسيين بالقطاع العقاري طويل الأجل.

استدامة وحياة حضرية متطورة

إلى جانب النمو الاقتصادي، تحرص الرياض على دمج الاستدامة ضمن مسيرة التنمية. وتعد مبادرات المباني الخضراء مثالًا واضحًا على ذلك، مدعومة بأنظمة تنظيمية صارمة وشراكات متنوعة، ويبرز مركز الملك عبدالله المالي كأكبر مشروع متعدد الاستخدامات حاصل على شهادة «LEED» البلاتينية عالميًا.

كما أطلقت المملكة نظام «مستدام» لتصنيف المباني المستدامة، بينما يسعى برنامج «الرياض الخضراء» إلى زراعة 7.5 مليون شجرة، ما يسهم في رفع جودة الهواء وحصة الفرد من المساحات الخضراء، ويعزز مكانة الرياض كنموذج للمدن المستدامة في المناطق الجافة.

وتعزز هذه المشاريع من جاذبية الرياض، التي باتت من أكثر مدن الشرق الأوسط ملاءمة للعيش بفضل بيئتها الآمنة واستقرارها، وتشهد البنية التحتية نقلة نوعية مع مشروعات ضخمة مثل توسعة مطار الملك خالد الدولي، الذي يخدم أكثر من 100 وجهة، وتطوير شبكة النقل العام، فضلًا عن مشروع «البوليفارد الرياضي» بطول 220 كيلومترًا الذي يعيد تعريف أسلوب الحياة الحضرية ويشجع على نمط حياة نشط ومستدام.

وجهة ترفيهية وثقافية عالمية

لم تقتصر طموحات الرياض على الاقتصاد والبنية التحتية، بل امتدت إلى الثقافة والترفيه. فموسم الرياض وحده استقطب أكثر من 18 مليون زائر في 2024 بفعاليات متنوعة من الحفلات الكبرى إلى الرياضات الإلكترونية، ومن المنتظر أن يسهم قطاع الترفيه بما نسبته 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030 ويوفر نحو 450 ألف فرصة عمل جديدة.

وتعكس المشاريع الكبرى مثل الفوز باستضافة معرض «إكسبو 2030» وكأس العالم لكرة القدم 2034 طموح الرياض في تعزيز مكانتها على الساحة العالمية، حيث يتوقع أن يحقق معرض «إكسبو» وحده عائدًا اقتصاديًا يتجاوز 94 مليار دولار، كما تعزز السياسات الجديدة لتسهيل التأشيرات وإطلاق شركة طيران الرياض من انفتاح العاصمة على الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم.

وبعد أن تخطت السعودية هدفها الأصلي بجذب 102 مليون زائر في 2023، تعمل الرياض على رفع سقف التطلعات للوصول إلى 150 مليون زائر سنويًا بحلول نهاية العقد. ويدعم ذلك التوسع المستمر في المعروض الفندقي الذي زاد بـ1100 غرفة جديدة العام الماضي، ليصل إلى نحو 24.6 ألف غرفة، وأكثر من نصفها ينتمي للفئات الفاخرة، مع توقعات بتجاوز 30 ألف غرفة بحلول 2027.

القطاع السكني يفتح أبوابه للمستثمرين الدوليين

يتوسع القطاع السكني في العاصمة تدريجيًا من قاعدة المشترين المحليين إلى المستثمرين الدوليين، بعد التسهيلات الأخيرة في إصدار تأشيرات الإقامة المرتبطة بتملك العقارات، وقد أسهم النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل في رفع الطلب على الوحدات السكنية، ما انعكس على الأسعار التي تواصل ارتفاعها عامًا بعد عام.

ويختصر عمار حسين، الشريك المساعد في «نايت فرانك»، المشهد بقوله: «مزيج الرؤية الواضحة والنمو القوي والتحول الحضري الطموح يعزز موقع الرياض كمركز عالمي صاعد يجذب الاستثمارات والكوادر المتميزة، ويوفر أسلوب حياة يليق بالمدن العالمية الكبرى».