100 مليار دولار.. الرسوم الجمركية المرتفعة تدفع إيرادات الخزانة الأمريكية لمستوى تاريخي لأول مرة


السبت 12 يوليو 2025 | 10:13 مساءً
الرسوم الجمركية
الرسوم الجمركية
حسين أنسي

سجلت الولايات المتحدة الأمريكية قفزة تاريخية في إيراداتها الجمركية، بعدما تجاوزت حاجز 100 مليار دولار خلال العام المالي الجاري لأول مرة على الإطلاق، مستفيدة من السياسة الجمركية المتشددة التي اعتمدتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعزيز الإيرادات وتقليل العجز التجاري.

ووفق البيان الشهري الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية، بلغت الإيرادات الجمركية لشهر يونيو وحده نحو 27 مليار دولار، لترتفع الإيرادات التراكمية منذ بداية العام المالي إلى 113 مليار دولار، ما يعكس نموًا قويًا في الإيرادات مدفوعًا بالرسوم المفروضة على الواردات من عدة دول وقطاعات.

وأظهرت البيانات أن إجمالي الإيرادات الحكومية خلال يونيو ارتفع بنحو 13% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، فيما سجلت الميزانية الفيدرالية فائضًا قدره 27 مليار دولار خلال يونيو الجاري، مقارنةً بعجز بلغ 71 مليار دولار في يونيو من العام الماضي. ومع ذلك، لا يزال العجز التراكمي للميزانية الفيدرالية كبيرًا، حيث بلغ 1.34 تريليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي، رغم تقليصه بنسبة 1% بعد تعديل الفروقات الزمنية للمقارنة مع العام الماضي.

سياسة جمركية لرفع الإيرادات وتعزيز الإنتاج المحلي

جاءت هذه القفزة في الإيرادات الجمركية نتيجة القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب بفرض رسوم مرتفعة على واردات متعددة وشركاء تجاريين رئيسيين، في إطار استراتيجية تهدف إلى دعم الصناعات المحلية ومعالجة الاختلال في الميزان التجاري، حيث اعتبرت الإدارة هذه الرسوم أداة ضغط في مفاوضاتها مع عدد من الدول لتحقيق شروط أفضل للولايات المتحدة في الاتفاقيات التجارية.

رغم ذلك، تبقى مستويات هذه الإيرادات مرهونة بالتغييرات المستمرة في السياسة الجمركية الأمريكية، إذ جرى تعليق أو تعديل بعض الرسوم على فترات مختلفة بحسب تطورات المحادثات التجارية. فعلى سبيل المثال، خُفّضت الرسوم على البضائع الصينية من مستويات مرتفعة تجاوزت 145% بعد اتفاق مبدئي بين واشنطن وبكين، مع استمرارها عند معدلات عالية مقارنة بالسنوات السابقة.

تهديدات بزيادات جديدة ورسالة إلى كندا

وفي مؤشر على استمرار سياسة التصعيد التجاري، أرسل ترامب مؤخرًا رسالة إلى رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أبلغه فيها بأن بعض المنتجات الكندية ستخضع لرسوم جمركية بنسبة 35% بدءًا من الأول من أغسطس المقبل، بعد أيام فقط من فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الصادرات البرازيلية، و25% على واردات من اليابان.

ورغم هذه التحركات، أكد ترامب أن إدارته لا تزال منفتحة على التفاوض مع الشركاء التجاريين لتحقيق مصالح الولايات المتحدة، في ظل سياسة تجارية وصفت بأنها "مرنة لكنها حازمة".

توقعات بمزيد من الإيرادات

من جهته، صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت مؤخرًا بأن الخزانة تتوقع جمع "أكثر بكثير" من 300 مليار دولار من الإيرادات الجمركية بحلول نهاية العام الحالي، مع استمرار تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة واتساع قاعدة الواردات الخاضعة للتعرفة المرتفعة.

وفي ظل هذه التطورات، يرى محللون أن الإيرادات الجمركية قد تشكل رافعة مؤقتة لدعم الميزانية الأمريكية، لكنها تبقى رهينة التغيرات السياسية وردود الأفعال العالمية على سياسة الرسوم المرتفعة، وسط قلق بعض القطاعات الاقتصادية من تأثير هذه السياسة على سلاسل التوريد وأسعار المستهلكين محليًا.